الجنادرية وجسور حضارية عالمية

لنا موعد في كل عام منذ أكثر من ثلاثين عامًا مع تظاهرة ثقافية فكرية حضارية تربطنا بتاريخنا المجيد وتعبر بنا الى مستقبل مشرق عبر بوابة مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، حيث تلتقي كافة مناطق المملكة بموروثها الثقافي وعروضها الفلكلورية ومورثها الشعبي وإحياء الفنون والحرف اليدوية بالإضافة إلى تنوع المناشط الثقافية، كل هذا وأكثر تضمه قرية الجنادرية بحب وتعبير عن وحدة الوطن والمواطن مع قيادته في أيام تسجل للتاريخ، وهذا العام تشرفت الجنادرية برعاية الملك سلمان حفظه الله لفعاليات هذا المهرجان وهو المعروف عنه شغفه بالتاريخ والحضارة ونحن معه اليوم نسجل تاريخنا بمداد من الفخر والعزة والكرامة.
لتصمت تلك الأصوات التي نادت بحقد وكراهية للحضارة والفكر والثقافة بأن يتم إلغاء أو تأجيل هذا المهرجان عبر مواقع التواصل الاجتماعي وليدخلوا جحورهم ويبتعدوا عنا فلسنا بحاجة إلى ركب المتخلفين الذين يشككون في كل محفل ثقافي ولا يرون إلا ما تصور لهم أنفسهم المريضة أمورًا تثير البلبلة والمشاكل وهم أبعد ما يكونون عن الرقي والانفتاح على ثقافة الآخرين ناهيك عن ثقافته وموروثه التاريخي.
حظيت قبل سنوات بأن أكون ضمن اللجنة النسائية في بيت المدينة بتكليف من سمو أمير المنطقة ولي ذكريات جميلة مازلت احتفظ بها في ذاكرتي وأنا أرى وفودًا كثيرة من النساء تزور بيت المدينة وتستمتع بما يتضمنه من إرث مدني جميل ومن عادات وتقاليد أهل المدينة وكنا نشعر بالسعادة كلما زاد العدد من الزائرات ومن مختلف الجنسيات والثقافات والحضارات العربية والأجنبية. وسعدت بنبأ وصلني بأن هناك توسعة لبيت المدينة افتتحها سمو الأمير فيصل بن سلمان أمير المنطقة والذي يشارك أهل المدينة دومًا في أفراحهم ومناسباتهم وفي إنجازاتهم بقيادته الحكيمة.
تابعت عبر صباح العربية تقريرًا عن مسرح الشارع ومحاكاة لسوق عكاظ في بيت منطقة مكة المكرمة بتوجيهات كريمة من سمو الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين أمير المنطقة وكم هو جميل ورائع ان يشاهد أبناؤنا وبناتنا هذا المسرح الذي يتحدث عن عبق التاريخ وشعر المعلقات وإرثنا الخالد وحضارتنا العربية الأصيلة.
الجنادرية تظاهرة عالمية تعزز قيم التسامح والاعتدال والحوار والتفاعل مع الذات ومع القريب والبعيد مع أبناء الوطن الواحد ومع ضيوفنا من مختلف دول العالم، المعادلة السليمة لحوار ناجح لنحسن حوارنا مع أنفسنا ومع أهلينا وبني جلدتنا ونتقبل كل من حولنا برابط يجمعنا كبشر يتشاركون أرضًا واحدة ويستظلون بسماء واحدة وهي تسعنا أجمعين إن عمرنا قلوبنا بالمحبة الحقيقية.