محمد أيوب في ذمة الله

ارتبط اسم الشيخ محمد أيوب -رحمه الله- مع أجواء رمضان الروحانية فهو ذلك الشيخ الذي يحمل الصوت الشجي وحسن الترتيل بالمقامات الحجازية والتي تلامس شغاف القلب فترققه وتبحر بالروح إلى آفاق عالية وتتجلى مع آيات الله الرحمات حين تذرف الدموع خشية وخضوعًا وتذللًا بين يدي الله.
في صباح يوم السبت المنصرم ضج العالم الإسلامي بأسره لوفاة الشيخ الجليل ليتأكد كل مسلم على وجه الأرض أن أهل القرآن لا يموتون وتبقى ذكراهم عطرة بين الأنام ويبقى ما قدموه من خدمة لكتاب الله شاهدًا لهم بإذن الله، نسمع أصواتهم وترتيلهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
نشأت وتربت في رحاب المدينة النبوية وأتذكر جيدًا تلك السنة التي كان يؤم الشيخ محمد أيوب المسلمين في المسجد النبوي في صلاة التراويح كاملة ولم تتكرر تلك الحالة الفريدة من نوعها لغيره حسب علمي وتلك فرصة أتاحها الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله- للشيخ محمد أيوب وفي وجوده وحضرته.
مازلت أتذكر دعاء ختم القرآن في جوار سيد الخلق عليه الصلاة والسلام تحت القبة المتحركة في تلك السنوات والشيخ يدعو الله وهلت علينا رحمات من السماء، حيث يهطل قطرات من الماء تشعر حاضري ختم القرآن بتجليات روحانية ورحمات آلهية كبرى نخرج بعدها للدنيا وقد غسلت أرواحنا من أدرانها وذنوبها مقبلة على أيام ولحظات جديدة نجدد فيها العهد مع الله بأن نعمل الصالحات ونتوب ونستغفر من كل الذنوب والخطايا.
ولاشك ان أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بعودته إلى الإمامة بالمسجد النبوي والذي سيناله حظ من الأجر والثواب قد حقق أمنية لشيخنا الراحل قبل مماته وكل وسائل التواصل الاجتماعي سجلت تلك الأمنية الصادقة التي لباها الملك سلمان، هذا الشيخ لم يغب ولن يغب عن الحضور في مساجد المدينة النبوية ونسأل الله أن تكون له شاهدة يوم الدين عدد من صلى وقام وركع وسجد وأمن خلف هذا الشيخ الذي لن تنساه المدينة وأهلها وتلك جنازته التي حضرها آلاف مؤلفة تقول لنا كلنا راحلون ولن يبقى إلا العمل الصالح الذي قدمت والأثر الذي تركت أيها الإنسان مهما طال بك المقام في هذه الدنيا فأنت حتمًا إلى زوال. اللهم اختم لنا بالصالحات وأغفر لشيخنا وأكرم نزله والحقه بالصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.