Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الإرهاب.. وتكشَّفتِ الأوراق

في معمعة عمليات التفجير الفاشلة التي نفذتها العصاباتُ المارقةُ الأسبوعَ الماضي في (جدة والقطيف والمدينة المنورة) بغرض إحداث الفوضى والبلبلة، تبدَّى لنا مدى (العَجَلَة) في الحُكم على هذه العمليات الإره

A A
في معمعة عمليات التفجير الفاشلة التي نفذتها العصاباتُ المارقةُ الأسبوعَ الماضي في (جدة والقطيف والمدينة المنورة) بغرض إحداث الفوضى والبلبلة، تبدَّى لنا مدى (العَجَلَة) في الحُكم على هذه العمليات الإرهابية التي حاق مكرُها في المقام الأول بمنفذيها. ففي حادثة التفجير قرب القنصلية الأمريكية بجدة حضرت العَجَلَة في الحكم على المفجِّر ومن يقف خلفه لدى البعض؛ فنراه - كالعادة- يُلمِّح لسببية محاضننا ومناهجنا فيها قبل أن يكشف المتحدث الأمني عن هوية المفجِّر الذي تبيَّن أنه غير سعودي. العَجَلة في الحكم على حادثة جدة ليست الأولى؛ فخلال العقدين الماضيين ظل البعض يُرجع سببية العمليات الإرهابية في وطننا العزيز بل وفي (الخارج) لحلقات تحفيظ القرآن الكريم التي يراها الباعثَ الحقيقيَّ لفكر الإرهاب، والمفرِّخ الأكبر للإرهابيين، حتى صرَّح بالأمس مصدر أمني بأنه ليس بين مرتكبِي الإرهاب مَن ينتمي لحلقات التحفيظ، وهو التصريح الذي أزعج المتربصِين بالحلقات. كذلك وخلال العقدين الماضيين اشتغل بعض المتصيدِين والمنظِّرين لقضايا الإرهاب بالمناهج (المقررات) الدراسية -وخاصة الدينية- ليجعل منها المنبعَ الرئيسَ لفكر الإرهاب، واستمرت التهمة والهجوم على المناهج -حتى بعد أن تمت مراجعتها وغربلتها (وتنشيفها) وتنقيتها من كل شائبة- إلى أن برَّأها الأمير خالد الفيصل وأكد أنه ليس فيها ما يدعو للتطرف، مُرجعًا سببية التطرف لما أسماه (المنهج الخفي). الأمر الأكثر غرابة أن المفجِّرِين في المساجدِ والمرافقِ، وقاتلِي والدِيهم وأبناءِ عمومتهم ورجالِ الأمنِ، حين النظر في سيَرِهم لا نجدهم من أهل التقى والصلاح، ولا من مرتادِي المساجد، ولا ممن ارتبطوا بكتاب الله، بل هم للفسوق والفجور والانحلال أقرب، وتصريح المتحدث الأمني بهويات منفذي العمليات الثلاث الأخيرة شاهد على ذلك؛ فهم ما بين (آسيوي، ومَن له سابقة في المخدرات، وغوغائيين)، وعليه فالمنطق السليم لا يَقبل أن يُنسب هؤلاء المجرمون وغيرهم للدِّين وتُنسب أفعالهم للتديُّن؛ فدوافعهم (المضمرة) عرَّاها الدكتور عبدالحفيظ المالكي عضو هيئة التدريس في كلية الملك فهد الأمنية في حواره مع ملحق الرسالة بهذه الصحيفة (15/2/1430 هـ ) حين ذكر أن هذه الفئة لها أهدافها السياسية «التي يأتي في مقدمتها الإطاحة بأنظمة الحكم والوصول إلى السلطة». وعليه فنحن في هذه الفترة أحوج ما نكون لكشف ثِيمة العمليات الإرهابية والأسباب الحقيقية الدافعة لها خاصة بعد تكشُّف الأوراق وبراءة (الحلقات والمناهج)، أحوج ما نكون للاصطفاف وكشف خبايا اللعبة القذرة التي مارسها بعضنا خلال الفترة الماضية بحق المنهج الذي قام عليه واعتز به وطننا، أحوج ما نكون لوقفة جادة يتم فيها تصحيح المفاهيم المغلوطة التي قلَبَها البعضُ واستخدمها أدوات تَشَفٍّ وابتزاز، أحوج ما نكون لسن قوانين وعقوبات صارمة تردع مَن يُلقي التُّهَم جزافًا، لا من منطلق وطني (خالص) وإنما من منطلق التحزُّب والاصطفاف والتشفِّي وتصفية الحسابات.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store