Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هيمنة شركات الاستقدام وصمت الوزارة!

تمَّ تداول رسالة استنكار على الواتس آب، من متاجرة مكاتب العمالة المنزليَّة هذا نصُّها: (مدَّة العقد، الأسعار تراوحت بين 64 ألف ريال، 20 ألف ريال، 21 ألف ريال، بينما يصل راتب العاملة إلى 2000 ريال، 230

A A
تمَّ تداول رسالة استنكار على الواتس آب، من متاجرة مكاتب العمالة المنزليَّة هذا نصُّها: (مدَّة العقد، الأسعار تراوحت بين 64 ألف ريال، 20 ألف ريال، 21 ألف ريال، بينما يصل راتب العاملة إلى 2000 ريال، 2300 ريال للشهر الواحد، بينما مكاتب استقدام العمالة المنزليَّة في دول الخليج يصل أعلى حد إلى 7500 ريال، أين وزارة العمل من هذا الذي تمارسه مكاتب استقدام العمالة المنزليَّة؟).
انتشار الرسالة بذلك الشكل، يشير إلى الضرر المضاعف الذي وقعت فيه الأسر، من جهة الحاجة الملحَّة إلى العمالة المنزليَّة بمختلف تصنيفاتها، ومن جهة أخرى عجزها عن دفع قيمة إيجار العمالة، سواء تلك التي تعمل بالساعة، أو الإيجار السنوي، أو كل ستة أشهر، التي تمَّ تخفيضها إلى «3» أشهر، ومضاعفة قيمة الإيجار كلَّما تزيَّن الأمر وتجمَّل في عيون جشعة.
لم تتمكَّن وزارة العمل من حل أزمة العمالة المنزليَّة، فزادتها تعقيدًا وصعوبةً، وألقت بالمشكلة على كاهل المواطن، أو أنها ألقته لقمة طريَّة هنيَّة تنهشها شركات الاستقدام تحت ضرسي الأسعار والشروط، وكأنَّ المواطن «الدجاجة التي تبيض ذهبًا»، كلما شعروا بحاجته إلى خدماتهم رفعوا الرسوم، ونوَّعوا استحقاقاتها، بعد أن كان يدفع «2000» ريال رسوم التأشيرة، ورسوم الاستقدام التي كانت في متناول الجميع، ورسوم الإقامة، والخروج والعودة، والكشف الطبي، ظنَّ أنَّ شركات الاستقدام ستعفيه من كل هذه الرسوم، وتيسّر له الأمر، لكن للأسف، تضاعفت الرسوم مرَّة واحدة، وأصبحت أكبر من طاقة المواطن، ولا تتناسب مع مردودها النفعي، فإذا كان استئجار شقة سنويًّا يوازي استئجار عاملة منزليَّة لمدة «6» أشهر، فأيُّهما أهم وأنفع، العاملة أم السكن؟ السكن طبعًا، لكن العمالة المنزليَّة شرٌّ لابد منه، فالمواطن الذي يشكو من إيجار المسكن، كيف يستطيع استئجار عاملة منزليَّة، وقيمة استئجارها ربما فاقت قيمة إيجار بعض الشقق والمنازل في القرى، وبعض المناطق!
المواطن ليس مؤسسة تجاريَّة، بل فردًا مسؤولاً عن أسرة لها احتياجات ومتطلبات لتنتظم حياته، ويؤدِّي واجبات المواطنة من أداء وظيفي، أو تجاري، أو أيّ نشاط يحتاج إلى تكامل البنى العقليَّة والنفسيَّة والجسديَّة للنجاح، واستكمال مقوِّمات المواطنة الصالحة، وهذا لا يتحقق في ظل هذا الصراع المحموم مع متطلبات الحياة التي تعبث بوقت المواطن وراحة أسرته، وماله، أو دخله خصوصًا إذا كان من أصحاب الدخل المحدود، لذلك كنَّا نتطلع إلى تنظيم يصب في مصلحة المواطن، ووضع قوانين تحد من هروب العمالة وتهرُّب شركات الاستقدام من مسؤولياتها.
التأجير يتنافى مع القيم الأخلاقيَّة والإسلاميَّة، وقيم حقوق الإنسان، كيف يحق لشركة، أو جهاز، أو هيئة عرض الإنسان على مَن يدفع قيمة جهده وعرقه للشركة لتأكله
من الضرس للضرس، وتترك له الفتات، هذه نقطة جوهريَّة تغاضت عنها وزارة العمل، وهي تمنح هذه الشركات الترخيص الذي يُخوِّل لها هذا الحق اللا إنساني.
وزارة العمل افتعلت هذه الإشكاليَّة الكبرى على مستوى الوطن، كأنها تقتص من المواطن، مع أنه لا علاقة له بالمتاجرة في التأشيرات، أو التستر، أو السوق السوداء للعمالة المنزليَّة، فتلك قضايا فساد كان لابدَّ أن تُعالج دون أن تُؤثِّر على المواطن، ومع ذلك لم تعالج، وظلَّت عالقة، أو تمَّ التغطية عليها بإشغال المواطن بهذا «الهمّ» الذي وجده يحط على رأسه كغمامة سوداء تتكاثف كل يوم حتَّى أظلمت حياته، بينما الوزارة لا تسمع أو ترى، ولا تُحرِّك ساكنًا.
كانت تضع مئة عقدة أمام من يريد الحصول على تأشيرة عاملة منزليَّة، وكل هذه العقد تنحل عن طريق استئجار العمالة من شركات الاستقدام، لمن يملك الإمكانيَّة الماليَّة والصبر على الشروط، والتسويف والتأجيل، وهذا يثير ما قيل عند ظهور مشكلة العمالة الإندونيسية، بأن المشكلة مفتعلة، لحساب شركات استقدام كبرى يتمُّ تشكيلها من بعض مسؤولي الوزارة، قلنا وقتها بكل ثقة: «هذه شائعات لا يمكن تصديقها»؛ لأن تنظيم الأمر ووضعه تحت السيطرة لابدَّ أن يكون مفرحًا ومريحًا، لكن ما يحدث من هذه الشركات واحتكارها استقدام العمالة الإندونيسيَّة جعل مئة فأر يلعبون في عقولنا!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store