Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الأجنبي.. بين الصافرة والقضمة

لم يأتِ تواجُد الحَكم الأجنبي في ملاعبنا الرياضية من فراغ؛ إنما نتيجةً لتراكماتِ أخطاءِ الحُكامِ المحليِّين الذين لا تنقصهم الأمانةُ ولا سرعةُ البديهة، ولا تنقصهم اللياقةُ البدنيةُ والمعرفة الفنية بال

A A
لم يأتِ تواجُد الحَكم الأجنبي في ملاعبنا الرياضية من فراغ؛ إنما نتيجةً لتراكماتِ أخطاءِ الحُكامِ المحليِّين الذين لا تنقصهم الأمانةُ ولا سرعةُ البديهة، ولا تنقصهم اللياقةُ البدنيةُ والمعرفة الفنية بالأخطاء التي تحصل من لاعبِي الفريقَين على المستطيل الأخضر. حكامنا المحليون كغيرهم يصيبون ويخطئون، لكنَّ مشكلتهم الأزلية أنهم يَنزلون الملاعبَ وفي عقلهم الباطن مؤثرات عدة، منها: (هيبة الفريق، وكثافة جماهيره المحتشدة في المدرجات، ومكانة مَن يقف وراءه، وسُلطة الإعلام الموالي له، وضعف موقفهم -أي الحكام- حال اتخاذهم قرارًا ضد الفريق الجماهيري). هذه المؤثرات تحضر لدى الحكام المحليِّين (قسرًا) مهما كانت ثقتهم بأنفسهم، ومهما كانت كثافة التطمينات التي تأتيهم، فهم في النهاية بشر يتأثرون بما حولهم. وعلى هذا حينما يتقابل فريقان أحدهما أقل من الآخر في المؤثرات السالف ذكرُها ثم يرتكب الفريق الجماهيري خطأً فإن الحكم المحلي يعلم يقينًا أنه ينبغي عليه أن يحتسب ذلك الخطأ، لكنه وتحت ضغط تلك المؤثرات تجده يمرر الخطأ ثم يبرره؛ تلافيًا لردة الفعل التي قد تكون قاسية بحقه، خصوصًا وهو يعلم أنه لا ظهر له، ولا أمان له من ردود الأفعال القولية -وأحيانًا الفعلية- من قِبل مسؤولي وجماهير الفريق الجماهيري، يضاف إلى ذلك أن الفريق المنافس قد لا تكون له شعبية كبيرة ولا إدارة متنفذة ولا إعلام فاعل، وهو ما يشجع الحكم على عدم احتساب الخطأ ضد الفريق الجماهيري، لكنه لا يتردد في إطلاق صافرته على أي خطأ -مهما كان بسيطًا- ضد الفريق غير الجماهيري. لهذه الأسباب تم اللجوء للحكم الأجنبي لا لأمانته ونباهته وإنما لأنه سيدخل المباراة وليس في ذهنيته تلك المؤثرات، وسيتخذ القرارات دون تردد ودون اعتبار لفريق جماهيري أو غير جماهيري؛ لأنه يعلم أنه لن تصله ردة فعل إدارة الفريق الخاسر، ولن يطاله عبث جماهيره، ولذا تأتي قراراته جريئة وحازمة. الحال نفسها في المجال الرياضي يمكن استنساخها للمشاريع (المليونية وغيرها) التي تنتشر بطول البلاد وعرضها، بعض هذه المشاريع ما إن يرسو أحدها على مقاول محلي (متنفِّذ) حتى يقضم من ميزانيته ما يستطيع قضمه، ثم يرمي بما تبقى لمقاول صغير، وهذا الصغير يقضم منها ما يستطيع قضمه ثم يرمي بالباقي لمقاول أصغر ليبدأ في التنفيذ الذي (يتعثر) بعد فترة بسيطة من البدء فيه، فيحمل المقاول الأصغر معداته ويمضي غير مبالٍ بالعقد والميثاق بحجة عدم القدرة، أو عدم حصوله على المستخلصات، وتبقى آثار المشروع الأولية مغروسة في حفرة المقاول الأصغر وكأنها شواهدُ مقبرةٍ تتعاقب عليها السنوات العجاف لتصبح مع الزمن مَعلمًا أثريًّا شاهدًا على مشروع توفي حال ولادته. وعلى هذا فالأمل أن يتم تسليم المشروعات التنموية - وخاصة الضخمة- لشركات أجنبية أسوة بالحكام الأجانب في المجال الرياضي؛ لأن الشركات الأجنبية لن تبدأ إلا وفق اشتراطات صارمة تضمن لها استيفاء حقوقها وعدم تعرضها للمضايقات، وبالتالي نضمن السرعة والجودة في التنفيذ.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store