Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أعينوا «الشرطة» على المعتوهين!

ما أكثر المجانين في الصفوف الأمامية للأحياء، والعدد يتضاعف في الشوارع الخلفية، وليس من واجب الشرطة ملاحقتهم، ولا من المنطق أن تناقشهم وتقنعهم بضرورة التحلي بمكارم الأخلاق وعدم إزعاج سكان الحي..

A A
ما أكثر المجانين في الصفوف الأمامية للأحياء، والعدد يتضاعف في الشوارع الخلفية، وليس من واجب الشرطة ملاحقتهم، ولا من المنطق أن تناقشهم وتقنعهم بضرورة التحلي بمكارم الأخلاق وعدم إزعاج سكان الحي.. الشرطة تتدخل فقط في حال التعدي الواضح والسافر على الأشخاص.. أما مَن يتحدَّث وحده ويهذي، فالدوريات الأمنية تتجاهله تمامًا، وهي لديها من الواجبات الأهم من مسألة الالتفات لمثله.
لحظة كتابة المقال وفي يومٍ واحد فقط.. قرأتُ خبرَين مُهِمَّين: الأوّل عن القبض على شابّ اشتُهِر بمقاطع فيديو منسوبة له في «السناب» وهو يتشبّه بالنساء، وخبرٌ عن أربعيني من منطقةٍ أخرى يدعو إلى الإلحاد ويسبُّ الدين الإسلامي، ويتمنى أن يكون مُنحلاّ -بحسب وصفه- ويَعرض نساءه وأهل بيته على الرجال!
المشهد الأول لمجانين الشوارع، انتقل من الواقع الملموس إلى واقع مواقع التواصل الإلكترونية.. الفرق هنا فقط ألا دوريات أمنية تتجول بين التغريدات، فكيف نضبط المسألة؟ وخصوصًا في ظل تكرارها؟ ومتى نُحدِّد المزعج المعتوه الذي نتجاهله؛ من غيره الذي يستحق الالتفات؟.
«المتنكِّر بزي نسائي في قبضة الأمن».. و»شرطة الرياض تقبض على المسيء للدين.. وأقواله تُؤكِّد: يعاني من اضطرابات نفسية». (عناوين صحفية).
وكل هؤلاء لم تلمسهم الشرطة متلبّسين، بل كانوا يتجوَّلون بين الشاشات من وراء حجاب!
أبرزت الأخبار الصحفية هؤلاء (الشباب) في قبضة الشرطة، وحُوِّلوا لجهات الاختصاص الجنائية.. فهل هذا هو الحل؟ وماذا حين أدّت الشرطة واجبها في الضبط؟ هل هو كفيل بردع الآخرين؟.. الموضوع متكرر ومتشعّب.. فكيف نساعد الجهات الأمنية إذا تفاقمت المقاطع؟ وتعددت؟.
أتمنى أن تستعين الشرطة بأخصائيين اجتماعيين ونفسيين في المتابعة وعرض القضايا عليهم، اختصارًا للجهد والوقت، وتحويل المعتوهين بأمر قضائي مباشرة إلى المصحّات.
أعتقد أن الشرطة يقع عليها عبءٌ كبير؛ فبالإضافة إلى فض المنازعات وضبط الشارع وتلقي البلاغات حول سلوكيات الناس اليومية، ستحتاج الشرطة أيضًا إلى متابعة (الشارع الافتراضي)، وسيُصرِّح الناطق الإعلامي كل صباح بضبط صاحب تغريدة مسيئة (مخلّة بالعرف- أو الدين- أو الأخلاق- أو الأمن الاجتماعي).
ما يحدث اليوم ليس بجديد، فقد كانت السقطات الاجتماعية بالألفاظ والأفعال تحدث يوميا -على ستر- في المدارس والمجالس... الفرق اليوم هو الإعلام فقط، فمن الصعب ضبط المسألة أمنيًّا فقط، يجب توزيع العبء على المختصين من أهل الثقافة والإعلام والتعليم.. فكيف نعالج مشاكل المحتوى الإلكتروني؛ كما نعالج المشاكل الحية في الشارع؟!.
نجاح الأجهزة الأمنية في الشارع المحسوس بيننا هو دليل قويّ أيضا على إمكانية ضبط (الشارع الافتراضي)، وهي بحاجة بالتأكيد إلى مَن يُساندها، فالمعتوه المريض الجالس عند حسابه يوميا، هو كالجبان يسبُّ الناس من شبّاك منزله، ويختفي وراء عباءة زوجته أو في خدر أمه.. ولو جاء للمجالس لم ينطق بحرف! فهل نُلاحقه بالضبط والقوة، أم نتجاهله كأيّ ضعيف يسعى لاختلاق المشكلات يوميا؟.
فمَن يُحدِّد من يُقبض عليه ومَن يُترك؟ أرجو ألا يُترك الأمر للجماهير ومستوى التأثير! بل لابد أن ندرس سبب الفعل من أساسه؟ ونُحلِّل أسباب الإقبال؟ وهنا المشكلة.. وهنا الحل!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store