Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

إرادة الحياة وحتميَّة المصير!

يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)..

A A
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).. فقدرنا أن نجتاز المرحلة الحرجة التي تمرُّ بها أمَّتنا العربيَّة عامَّة، وبلدنا خاصَّة، التي أصبحت هدفًا للمتحكِّمين بثروات الشعوب! ففي اعتقادهم أنَّ ما أفاء الله به على مملكتنا من ثرواتٍ كان بفضل الأوَّلين منهم الذين جاءوا إلى جزيرتنا العربيَّة بحثًا عمَّا قد يكون تحت رمالها وفي أعماق مياه خليجها من بترولٍ وغاز يُدير محرِّكات مصانعهم ويُسيِّر مراكبهم ممَّا يؤهِّلهم لقيادة العالم اقتصاديًّا وماليًّا، وبالتالي لهم الحقُّ في هذه الثروة التي لم يكن يعلم بوجودها أهل البلد الأصليُّون من قبل. وإن عرفتها قلَّة من مثقفي عالمنا العربي، فلم يكونوا مؤهَّلين للتنقيب عن البترول ومشتقَّاته إلى أن تفجَّر الذهب الأسود في أرضهم وفي قاع خليجهم. وقد تطلَّب الأمر الاستعانة بشباب منهم تمَّ تأهيلهم، ومن ثمَّ انضووا في متطلَّبات العمل. ومن وُجدت عندهم الرغبة في العلم والتعلُّم ابتعثوا للدراسة في الخارج، وعادوا إلى بلدهم مشاركين في تشغيل وإدارة هذا المرفق المهم. ومن بعد، في إدارة أكبر شركة بترول في العالم عُرفت باسم أرامكو السعوديَّة.
في نظر هؤلاء المتحكِّمين أنَّ هذه المستجدَّات في إنتاج حقول البترول وإدارتها لا يلغي أحقيَّتهم بهذه الثروة، فقد قال عدد من الدبلوماسيِّين الأمريكان الذين سبق أن عملوا في دول الخليج العربي: إنَّ حفنةً من الأرز لكلِّ واحد منَّا كافية لسدِّ حاجتنا بعد أن كُنَّا نقتات بحبَّات قليلة من التمر! إذ ليس بيننا -حسب ادِّعائهم- من كان على علمٍ بما تختزنه أرضنا من ثروات! هذا الفِكر ما يزال كامنًا في العقل الباطن عند الكثيرين من راسمي السياسة الأمريكية والدول المتشبِّعة بثقافتها. لذا ليس غريبًا صدور قرارات قرصنة بالقانون، (جاستا)، لمحاولة الحجر على مدَّخراتنا في بنوكهم. لكن نحن على ثقة بأنَّ ولاة أمورنا سيتعاملون مع الموقف بحنكةٍ ودبلوماسيَّة.
إن التاريخ يحكي لنا قصة عظيمة تُدلِّل على حكمة ولاة أمورنا، وذلك عندما التقى الملك فيصل -يرحمه الله- بالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون الذي طار إلى جدَّة ساعيًا لرفع الحظر عن تصدير البترول إلى بلاده. يومها عُقِد اجتماع مغلق في المطار، وبطلب الملك فيصل -طيب الله ثراه- وُضِعَ في صالة الاجتماع إناء فيه «لبن» وآخر «تمر»، وعند دخولهما مقرَّ الاجتماع بادره الملك فيصل قائلاً: «لقد عاش آبائي وأجدادي على هذا الذي أمامك، وشعبي أيضًا، ولا مانع من العودة إليه».. فردَّ الرئيس الأمريكي: «ألا تخشى من تجميد الأموال التي في بنوكنا».. فرَّد عليه الملك فيصل: «لك ما تشاء. لكن ما هو رأي شعب الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، وحلفائكم أيضًا؟».. وأنهى الاجتماع.
إن حكمة ولاة أمورنا وإرادة شعبنا قادرون بإذن الله على اجتياز العاصفة، ومصمِّمون على الحياة بكرامةٍ وعزَّة، وكأنّ بشعبنا يُخاطب هؤلاء: نحيا لدنيانا كأنَّنا نعيش أبدًا، ونعمل لآخرتنا كأنَّنا نموت غدًا. وشعبٌ هذا ديدنه لن يموت.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store