Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سيرة العظام في تاريخ وطن

تقترب مملكتنا من تمام عقدها الثامن وهي ما تزال محافظة على قواعد الحكم التي أرساها المؤسِّس عبدالعزيز طيَّب الله ثراه، مسترشدًا بهدي كتاب الله وسنَّة نبيَّه عليه الصلاة والسلام في لمَّ شمل أبناء المملك

A A
تقترب مملكتنا من تمام عقدها الثامن وهي ما تزال محافظة على قواعد الحكم التي أرساها المؤسِّس عبدالعزيز طيَّب الله ثراه، مسترشدًا بهدي كتاب الله وسنَّة نبيَّه عليه الصلاة والسلام في لمَّ شمل أبناء المملكة ليكوِّنوا أسرة واحدة متحابَّة تسودها الأخوَّة والمحبَّة والرحمة في الله والانتماء الصادق للوطن مع الإيمان بالله ورسله. فكانت مكافأته تعالى للملك المؤسِّس اكتشاف النفط تحت الرمال وفي قاع الخليج ليعمَّ الخير والرفاه جميع المواطنين.. وعلى مسار ذلك النهج القويم، توالى أنجاله الملوك من بعده إدارة شؤون المملكة لتصل إلى مكانة مرموقة إقليميًّا ودوليًّا.
ولما للعلاقات الدوليَّة من أهميَّة في التعاون بين الأمم، فقد عهد الملك المؤسِّس إلى نجله الفيصل بالشؤون الخارجيَّة للمملكة، فأُنشئت وزارة الخارجيَّة في جدَّة برئاسة الفيصل الذي رسم لها معالم طريق الدبلوماسيَّة الهادئة التي تعمل بصبرٍ وأناة.. وعلى خطى الفيصل يرحمه الله سار نجله الأمير سعود يرحمه الله من اليوم الأوَّل لتولِّيه وزارة الخارجيَّة خلفًا لوالده الشهيد في دفع خيرة شباب المملكة إلى أعلى المناصب في الوزارة، يتابعون بتوجيهات المقام السامي العلاقات الدوليَّة والإقليميَّة، لتكون نتائج جهدهم دليلًا على ما حقَّقوه من إنجازات.
في مقدمَّة هؤلاء الدبلوماسيِّين المختارين بعناية معالي السيِّد عمر عبَّاس السقاف، دبلوماسي المهمات الصعبة، حيث أشرف بتوجيه الفيصل يرحمهما الله على دبلوماسيَّة التغلُّب على تداعيات حرب الأيَّام الستَّة عام 1967م، ثمَّ أحداث اليمن عام 1961م، وحرب «أكتوبر» عام 1973م، وما أعقبها من حظر المملكة تصدير النفط إلى الولايات المتَّحدة وبلدان غربيَّة عديدة. بكفاءة وجدارة لم تُخيب بهما ظنَّ الفيصل فيه، لمَّا اختاره فِكرًا سديدًا ويدًا مساعدة قويَّة.
شاءت إرادة الله أن يختار إلى جواره الكريم معالي السيِّد عمر إثر نوبة قلبيَّة وهو يؤدِّي المهمَّة التي توجَّه من أجلها إلى نيويورك
في 15 /11 /1974م وهو في بداية الستينيَّات من العمر وفي ذروة العطاء. فكان لغياب معاليه بالغ الأثر في كلِّ من عرفوه والتقوه من القادة والسياسيِّين على مستوى العالم.
واليوم، ونحن في بدايات شهر نوفمبر، الشهر الذي فقدنا فيه دبلوماسي المهمَّات الصعبة، نتمنَّى على وزير الخارجيَّة معالي الأستاذ عادل الجبير أن يُوجِّه بعمل دراسة شاملة عن شخصيَّة معالي السيِّد عمر عباس السقَّاف، مدعومة بما هو متوفِّر عن إنجازاته ومهمَّاته من وثائق ومستندات ومحاضر مفاوضات واجتماعات. وأن يتبع ذلك دراسة مماثلة لمن حظي من صاحب السموِّ الملكي الأمير سعود الفيصل رحمه الله بالثقة التامَّة والرعاية الشاملة، فأصبح مرجعًا اقتصاديًّا وسياسيًّا ومحاورًا لا يشقُّ له غبار، ومثلًا يقتدي به الجيل القادم للوزارة حديثًا، لعصاميَّة معاليه وجهده الشخصي في تسلُّق السلَّم الوظيفي من أولى درجاته الإداريَّة إلى أعلى درجاته الدبلوماسيَّة.
رحل الأمير سعود الفيصل عن دنيانا في عمر متقارب من العمر الذي رحل فيه معالي السيِّد عمر السقاف وهما رحمهما الله في ذروة العطاء وقمَّة الفداء للمليك وللوطن، ولما فيه خير البلاد والعباد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store