Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بناء الإنسان!

«كل واحد يريد السعادة، ولا أحد يريد الألم، ولكن لا يمكن أن تحصل على قوس قزح بدون قليل من المطر». Lee Kuan Yew

A A
«كل واحد يريد السعادة، ولا أحد يريد الألم، ولكن لا يمكن أن تحصل على قوس قزح بدون قليل من المطر». Lee Kuan Yew
ما برح المعلِّمون والمعلِّمات يتحدَّثون بقلق بالغ على ما قد ستؤول إليه الأمور في شأن لائحة الوظائف التعليميَّة الجاري بها العمل، والصادرة بقرار رقم 590 في 1401/11/10هـ، والتي شُرِع في تطبيقها في 1402/7/1هـ، وقد عايشتُ مرحلة التطبيق تلك بقضِّها وقضيضها، التي جرى فيها تحويل المعلِّمين والمعلِّمات من موظفين على كادر الموظفين العام، إلى لائحة خاصَّة بهم، تخلو من المعوِّقات البيروقراطيَّة، مثل التجمُّد، أو الجمود الوظيفي، وانتظار شغور المراتب الوظيفيَّة؛ لكي يترقَّى المستحقُّون إلى كادر مفتوح الأفق، الانتقال فيه يتمُّ بسلاسة من درجة إلى التي تليها في المستويات الستة، التي تتكوَّن منها، وإنْ يكن هناك مأخذٌ على هكذا انتقال آلي أفقي، فإنَّه لم يكن مرتبطًا بأيّ مقياس للأداء النوعي، باستثناء تقرير تقييم الأداء السنويِّ، إلاَّ أنَّ الانتقال الرأسي من مستوى إلى آخر كان -ولم يزل- يتطلَّب الحصول على مؤهَّل أعلى.
قرار مجلس الوزراء الصادر -مؤخَّرًا- تضمَّن توجيهًا بإعادة دراسة لائحة الوظائف التعليميَّة بشكل شامل، من قِبل لجنة ثلاثيَّة مكوَّنة من كلٍّ من: وزارة الماليَّة، وزارة الخدمة المدنيَّة، ووزارة التعليم، مهمَّتها الرئيسة دراسة اللائحة بشكل شامل؛ ابتغاء رفع كفاءة أداء الكادر التعليميّ، وترشيد الإنفاق، ولعلَّ ما اُثير، وتمَّ تداوله من خلال منصَّات التواصل الاجتماعي من تسريبات، وتكهنات، بل وتوجس من أنَّ راتب المعلِّمين والمعلِّمات قد يكون في مرمى إعادة النظر، بحسب ما جاء في وسم (#إلا_الراتب_وبقاء_الكادر).
ومعلوم أنَّ اللائحة التعليميَّة عند صدورها -يومئذٍ- كانت الغاية منها اجتذاب وإغراء الخرّيجين للالتحاق بالكليَّات التربويَّة، والكليَّات المتوسطة «كليَّات المعلِّمين فيما بعد» للانخراط في السلك التعليميّ الذي كان يفتقد للجاذبيَّة، وضآلة راتبها، وأذكر أنَّ الأمير خالد بن فهد بن خالد، قد كان له دورٌ فعَّالٌ في صدور اللائحة التعليميَّة، عندما كان وكيلاً لوزارة المعارف -يومئذٍ- إذ قال -ما معناه-: إنَّ كلَّ شخصٍ مع صدور هذه اللائحة يتمنَّى أن يكون معلِّمًا، وصدق حدسه فيما تلا من سنين، إذ أصبحت آمال وأماني الغالبيَّة من الخرِّيجين والخرِّيجات أن يكونوا معلِّمين، وهكذا كان بالفعل.
في عام 1412هـ جرت محاولة لإعادة دراسة اللائحة من لجنة مشابهة، إلاَّ أنَّ وزير المعارف -يومئذٍ- الدكتور عبدالعزيز الخويطر -يرحمه الله- رفض مشاركة الوزارة؛ ممَّا أدَّى للمدِّ في عمر هذه اللائحة إلى يومنا هذا، وليس ثمة اعتراض على دراسة اللائحة بغرض تطويرها، ووضع ضوابط ومعايير لشاغلي هذه الوظائف من منطلق أنَّ العمل في هكذا ميدان هو رسالة وليس وظيفة للتعامل مع «الصرَّاف الآلي» وحسب. المعلِّمون والمعلِّمات يرومُون المزيدَ من المزايا، فهم ركيزة أيِّ إصلاح وتطوير، ولعلَّنا نستذكرُ في هذا السياق مقولة Lee Kuan Yew (أوَّل رئيس وزراء لجمهوريَّة سنغافورة): «الإصلاح مستحيل، لكنَّني الْتفتُّ إلى المعلِّمين والمدرِّسين وكانوا في بؤس وازدراء شديد، فمنحْتُهم أعلى الأجور والمرتبات في الدولة، وقلتُ لهم: أنا عليَّ أن أبني أجهزة الدولة، وأنتم تبنُون لي الإنسان».
* ضوء:
(القلق على المستقبل يتمخض عنه استنفاد لحظات الحاضر).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store