Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

تشبُّث حلمي الأنيس بليلة خميس

الحبر الأصفر

A A
الأحلَامُ مِثلُ الأمَلِ، هي فطُورٌ جَيَّدٌ، وعَشَاءٌ رَديءٌ، بمَعنَى أنَّكَ يَجبُ أَنْ تُحدِّدَ الحُلمَ، وتَرسمَ لَه خَارطةَ طَريقٍ، وتُخطِّطَ للوصُولِ إليهِ، وبَعدَ ذَلكَ تَبدَأُ في تَطبيقِهِ عَلى أَرضِ الوَاقِعِ.. وكُلُّ الإنجَازَاتِ البَشريَّةِ الكُبرَى؛ بَدَأَتْ بحُلمٍ صَغيرٍ، انطَلَقَ مِن فِكرةٍ بَسيطَةٍ..!

وحَتَّى يَكونَ المَقالُ مَقرونًا بالمِثَالِ، سأَستَشهدُ بقصَّةٍ لِي بَدَأَتْ بحُلمٍ، وانتَهَتْ بوَاقِعٍ.. أَقولُهَا وأنَا مُتأكِّدٌ أَنَّ كُلَّ مَن يَقرأ مَقالِي هَذَا، لَه قصَّةٌ مَعَ حُلمٍ تَحقَّقَ، ولَكنَّ الفَرقَ بَيني وبَينَهم أَنَّني رَويتُ القصَّةَ، بَينمَا هُم تَركُوهَا تَسكنُ في زَوَايَا الصَّمتِ.. وإليكُم الحِكَايَة:

فِي عَام 1403-1982، صَدَرَ شِريطُ كَاسيت لـ»محمد عبده»، يَحوي أُغنية «ليلة خميس»، مِن كَلِمَاتِ الشَّاعِرِ «خالد بن يزيد»، وألحَانِ «عمر كدرس» -رَحمهما الله- يَقولُ مَطلعُهَا:

ليلة خَميس طَرَّز بِهَا نُور القَمَر

شَطَّ البَحَر.. نِصف الشَّهر

والَّليل مِن فَرحُه عَريس.. ليلة خَميس

ليلة لُقَانَا.. مَوعدي السَّاعة ثَمان!!

كُنتُ أَسمَعُهَا بلَهفَةٍ، وأَنَا أَسكُنُ -حِينَذَاك- مَع أُسرتِي مَدينةَ الرَّس، وأُعيدُ سَماعَهَا المَرَّة تلو المَرَّة، حَتَّى تَبَرْمَج في ذِهنِي هَذا المَوعد المُميَّز..!

بالتَّأكيد لَم يَكنْ عَقلي -في ذَلك الوَقت- يُفكِّرُ بمَوعدٍ غراميٍّ، فلا الزَّمَان، ولَا المَكَان، ولَا الإنسَان، يَسمحُ بمِثل هَذه المَواعيد، بَل كَان مَوعدًا أنتَظرُه مَع نَتيجةِ امتحَان فِي دِرَاسَةٍ، أَو شِرَاء سيَّارةٍ، أَو الحصُول عَلى قِطعةِ أَرْضٍ..!

دَارَ الزَّمَانُ، وتَحوَّلتُ مِن مَكانٍ إلَى مَكانٍ، وبَقي المَوعدُ حُلمًا في أُذني، يَنتظرُ التَّحقيق.. وبَعدَ ثَلاثين سَنَةً بالضَّبطِ، جَاءتْ تَبَاشيرُ تَحقيقِ الحُلم، وأَصبَحَ مَا كُنتُ أَنتَظرُه وَاقِعًا، حَيثُ أَجبَرنِي عَدوّي اللَّدود «علي العلياني»، عَلَى تَقديمِ برنَامج «يَا هَلَا بالعَرفج» الأسبُوعيّ، الذي يُبَثُّ عَلى الهَواءِ مُبَاشرةً، فِي السَّاعَة الثَّامِنَة، مِن كُلِّ «ليلة خميس»..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَنْ نَقولَ: يَا قَوم احلَمُوا، ثُمَّ احلَمُوا، ثُمَّ احلَمُوا، ولَكنْ بثَلاثة شرُوطٍ، وهي: التَّمسُّكُ بالحُلمِ، والعَملُ عَلى تَحقيقهِ، وشَيءٌ ثَالثٌ، وهو تَجهيزُ المَادةِ الأسَاسيَّةِ التي يَتطلَّبُها تَحقيقُ الحُلمِ..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store