وتريسا مية التي تبلغ من العمر ما يزيد على ستين عامًا يبدو أنها بين حالتين إما أنها لم تقرأ التاريخ المشين لبريطانيا العظمى في مأساة فلسطين وإما أنها أسيرة فكر صهيوني يحرك مشاعرها نحو المشروع الصهيوني بعيد المدى والذي كانت بريطانيا ضليعة فيه بعمق علاقاتها ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط من وعد بلفور وحتى اللحظة الراهنة.
الموقف لا يخفى على العارفين بكواليس السياسة الدولية ولكن الظروف تغيَّرت وكان على السيدة تريسا مية أن تحدث معلوماتها وتفهم أن دور بريطانيا أصبح على الهامش وخاصة بعد البركست الذي كان عليها أن تنشغل بتصفية ملفه بدلًا من محانكة جون كيري لأنه قال كلمة حق حتى ولو أنها أتت متأخرة بسبعة عقود زمنية إلا أنها تبعث الأمل في عودة الحق الفلسطيني الذي طال انتظاره. ومن جانب آخر في غاية الأهمية نسيت السيدة تريسا بأنها كانت قبل أسابيع ضيفة شرف مجلس التعاون الخليجي الذي رحبت دوله بالموقف الأمريكي الأخير من التصويت على قرار مجلس الأمن 2334 إلى خطاب كيري الأخير الذي اعترضت عليه فأي دبلوماسية تريد أن تقودها بهذا الجفاء ضد دول مجلس التعاون الخليجي وهي تعلم أنها مهتمة للغاية بالقضية الفلسطينية التي هي أساس مصائب الشرق الأوسط من بداية القرن العشرين حتى الوقت الراهن.
في اعتقادي أن على الدول العربية إرسال رسالة ساخنة لبريطانيا بهذا الخصوص حتى تعلم حكومة ترسيا مية بأن القضية الفلسطينية التي تسببت الأمبراطورية البريطانية في إيجادها في الأساس بأن عليها مسؤولية تاريخية في تصحيح أسوأ غلطة تاريخية ارتكبتها عن عمد في حق العرب في فلسطين وتسببت في كل مآسي الشرق الأوسط لاحقًا والسبب السياسة البريطانية الذي يكل قادتها بمكيالين على الدوام.