Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

طواقم الـخدمة الـجوية بالـخطوط السعودية

A A
لابد لـي من وقفة احترام للخِدْمات الـجوية بالـخطوط الـجوية العربية السعودية، ومن يقومون بتقديـمها من طواقم الـمضيفين والـمضيفات، فمن العدل والإنصاف شكرهم على ما يقومون به من خِدْمات تفوق في تـميـّزها عدداً من خطوط الطيـران العالـمية التي جربتها شخصياً مرات كثيـرة. وبـما أنـي أقومُ بالتنقل بواسطة طائرات «السعودية» في الرحلات الدولية مستخدماً درجة الضيافة في معظم الأوقات، أنقل هنا خبرتـي في هذه الدرجة وليس درجة رجال الأعمال فحسب، والـحقيقة الواضحة أن أطقم الضيافة من مضيفين ومضيفات، ومن خلال عملهم الاعتيادي، يتعرّضون لضغوطات بدنية ونفسية لا يعرفها إلا من جربّـها، ويتحمّلون جراء وظيفتهم أنواعاً من بَشرٍ لا يعلم طبيعتهم إلا الله، ويواجهون صعوبات كبيـرة يتغلبون عليها بأعصاب من حديد تستحق الإعجاب. فإضافة إلى اضطرابات الساعة الـحيوية واختلال أوقات النوم والاستيقاظ، والـحرمان الـمزمن من النوم السليم، ورداءة طبيعته، يتعرّضون إلى اضطرابات مزاج وفرط إعياء وإرهاق، لا يعرفها إلا من حذا حذوهم وصار مكانـهم، أو تعلّمه من خلال تـجاربه ودراسته، وفوق ذلك يواجهون عدداً من الركاب الـمستظرفيـن أو الوقحيـن الذين لا يـملكون قدْراً مُناسباً من الذوق السليم، فيظنون أن وظيفة تلك الطواقم الـمدربة والـمؤهلة تأهيلاً عالياً هو تقديـم الطعام والشراب لـهم فحسب، وقد يعتبـرهم أحدهم من ضمن خدَمِه الشخصي، فيظن أنه وحده الـمستحق للخدمة من بين ركاب الطائرة، مع أن عمَلهم الأساس هو ضمان سلامة الركاب في مقاعدهم، فلا يتورّع عن إساءة الأدب معهم والغلظة لـهم في القول، وتـجاهل الكلمات اللطيفة في حديثه معهم وطلباته الـمتكررة منهم، مثل: لو سـمحت، ومن فضلك، وشكرا ناهيك عن إصرارهم على «لعبة الكراسي» قبل الإقلاع !!. ومع ذلك رأيتُ مراراً وتكراراً تـمتـّع عدد من الـمضيفيـن والـمضيفات بـهدوء أعصاب وابتسامة متكررة وسلوك منضبط، متجاهلين عدداً من الإساءات الذوقية، متحمّلين اختلاف ثقافات الركاب وتنوّع احتياجاتـهم، وإصرار بعضهم على سلوكيات غير منطقية لا تتوافق مع أنظمة ووسائل سلامتهم وسلامة الركاب الآخرين. جنودٌ ظاهرون للعيان، لا يـملك صاحب الذوق الرفيع إلا أن يوفـي لـهم الشكر والتقدير والعرفان، على ما يقومون به من عمل لا يـحتمله في مثل هذه البيئات الصعبة إلا قليلٌ من أُناس بـمواصفات شخصية ومهْنية عالية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store