وُلِدت مملكتنا الحبيبة عام 1932 ميلاديَّة، وكان من أوليَّات الملك المؤسِّس -طيب الله ثراه- إدخال التليفون والإرسال البرقي (التلغراف)، رغمًا عن معارضة بعض قادة جنده لتقليد الغرب الكافر في اعتقادهم لهذه التقنيات، التي لم يسمعوا عنها من قبل، ظنًّا منهم أنَّها من عمل الشيطان! ثم أصبح للمملكة إذاعتها، وفِي وقت لاحق إرسالها التلفزيوني. وواكب دخول هذه التقنية الحديثة آنذاك صدور العديد من الصحف والمجلَّات في كبريات مدن المملكة، تتصدَّرها صحيفة «أمُّ القرى» الرسميَّة، من العاصمة المقدَّسة مكَّة المكرَّمة.
تلك كانت إنجازات حضاريَّة حملت بصمات الفيصل العظيم؛ تغمَّده الله بواسع رحمته. وكان لا بدَّ لهذه المستجدات الحضاريَّة من دائرة حكوميَّة تشرف عليها، وتُطوِّر وسائلها لتُواكب متطلَّبات عصرها. وقد أنشئت المديريَّة العامَّة للإذاعة والصحافة والنشر، واختير لها معالي الشيخ عبدالله بلخير لما له من رصيد أدبي في الشعر، وتَمكُّن من لغتنا الجميلة، وما نظمه شعرًا من عشقه لتاريخ العرب والمسلمين، وما خلَّفوه للبشريَّة من تراث حضاري في البلدان التي انتشر فيها الإسلام، شرقي العالم وغربه. وإضافة إلى ماضيه المهني المشرف، فقد اختاره الملك المؤسِّس في ديوانه للترجمة بين اللغتين العربيَّة والإنجليزيَّة، فكان عند حسن الظن وموضع الثقة.
وتابع معاليه مسيرة العطاء في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز -يرحمه الله-، فترك معاليه بصمة مشرَّفة، وتحوَّلت المديريَّة العامَّة للإذاعة والصحافة والنشر إلى وزارة للإعلام، شاركت مع وزارة الخارجيَّة في إيصال صوت المملكة ورسالة الإسلام إلى أرجاء العالم كافَّة.
وبين يدينا الآن سفر وثائقي يحمل عنوان: «سيرة ومسيرة معالي الشيخ عبدالله بلخير»؛ جمع وإعداد: حفيده الأستاذ سلطان بن يعرب بن عبدالله بلخير، صادر عن دار عبدالله يعرب بلخير للنشر والتوزيع. وتتضمَّن بالإضافة إلى السيرة الذاتيَّة لجدِّه -يرحمه الله- العديد من الملاحم الشعريَّة التي تصف الأحوال في البلدان التي أجبر المسلمون على التخلِّي عنها؛ الأندلس أوَّلًا، ثمَّ من بعد في بلد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. قصائد في مضمونها توثيق تاريخي وإنساني يستحقُّ الكثير من عناية من يهمُّهم مستقبل أمَّتينا الإسلاميَّة والعربيَّة، وسلامة أبنائنا وأحفادنا من مطامع الغزاة وحقد الطغاة.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
