Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

علماء ومؤرخون طلبوا العلم والمشورة من نساء (3)

A A
أواصلُ الحديثَ عن عالِماتٍ علّمن مُفسِّرين ومحدِّثين وفقهاء ومؤرِّخين:

• زينب بنت سليمان بن إبراهيم (ت:705هـ/1306م) والتي أخذ العلم عنها «تقي الدين السبكي»، كما أجازت بعض العالمات المحدِّثات لعدد من كبار العلماء، فزينب بنت عبدالله بن عبدالحليم بن تيمية (ت:725هـ/1326م) أجازت «ابن حجر العسقلاني»، الذي روى أيضًا عن «عائشة بنت محمد بن عبدالهادي»، التي كانت ذات سند قويم في الحديث، وحدَّث عنها خلقٌ كثيرٌ، وروت عن محدثتين هما: «ست الفقهاء بنت الواسطي»، و»زينب بنت الكمال».

• فاطمة بنت محمد بن أحمد السمرقندي، «كانت تحتل مكانةً رفيعةً في الفقه والفتوى، وتصدَّرت للتدريس، وألَّفت عددًا من الكتب، وكان الملك «نور الدين محمود»، يستشيرها في بعض أمور الدولة، ويسألها في بعض المسائل الفقهيَّة، أمَّا زوجها الفقيه الكبير «الكاساني» صاحب كتاب «البدائع»، فربَّما هام في الفتيا، فتردُّه إلى الصواب، وتعرِّفه وجه الخطأ، فيرجع إلى قولِها، وكانت تُفْتِي ويَحْترم زوجُها فتوَاها، وكانت الفتوى تَخرج بتوقيعها، وتوقيع أبيها، وزوجها، فلما مات أبوها كانت توقِّع على الفتوى هي وزوجها «الكاساني» لفقهها الواسع.

• هاجر بنت محمد درَّست المفسِّر الكبير جلال الدين السيوطي، رسالة الإمام الشافعي، وقد كان لشيخاته دور بارز في تكوينه العلمي، فأخذ عن «أم هانئ بنت الهوريني» التي لقَّبها بالمسند، وكانت عالمة بالنحو، وأورد لها ترجمةً في كتابه «بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة»، وأخذ عن «أم الفضل بنت محمد المقدسي»، و»خديجة بنت أبي الحسن المقن»، و»نشوان بنت عبدالله الكناني»، و»هاجر بنت محمد المصريَّة»، و»أمة الخالق بنت عبداللطيف العقبي»، وغيرهنَّ.

• زينب بنت عبدالرحمن أجازت المؤرِّخ الدمشقي ابن عساكر، في الموطأ لمالك، كما درس عند ثمانين امرأة.

• والرَّحَّالة «ابن بطوطة» في رحلته لدمشق زار المسجد الأموي، وسمع فيه من عددٍ من محدِّثات ذلك العصر، مثل «زينب بنت أحمد بن عبدالرحيم»، وكانت امرأةً ذات قدم راسخ في العلم والحديث، و»عائشة بنت محمد بن المسلم الحرانيَّة»، التي كان لها مجلس علم بالمسجد، وقرأ عليها «ابن بطوطة» عددًا من الكتب.

• فاطمة الفضيليَّة بمكَّة، حيث أسَّست مكتبةً كبيرةً، وكانت تقوم بتدريس بعض العلماء، وكانوا يحضرون لدروسها، وحصلوا على إجازات علميَّة منها.

وهكذا نجد نساء مكيَّات ومدنيَّات ومصريَّات ودمشقيَّات وبغداديَّات وفارسيَّات كنَّ يتعلَّمن من الرجال، ويُعلِّمنهم على مدى ألف عام، ثمَّ أخذ دورهنَّ ينحسرُ تدريجيًّا حتَّى بلغ مبلغه في العصر الحالي، ورافق هذا الانحسار التعتيم على هذا الجانب المشرق من تاريخ المرأة المسلمة من قِبَل البعض، ليستقر في الأذهان أنَّها خُلقت لخدمة الرجل فقط، وليس من حقِّها أن تتعلَّم وتعمل، وألاَّ تكون رئيسة على الرجال؛ فاعتبر البعضُ أنَّ قرار معالي وزير التعليم بتعيين عميدةٍ لكليَّة الطب بجامعة الطائف مخالفٌ للإسلام، ومتَّبعٌ لمنهج التغريب، مع أنَّ معاليه فهم الإسلام الفهم الحق. وأرجو من معاليه أن يوكل وضع مناهج التاريخ والحضارة الإسلاميَّة إلى لجان بها نساء متخصِّصات في التاريخ الإسلامي، على أن يُسلِّط الضوءَ على إسهامات المرأة في الحركة العلميَّة والتعليميَّة، وفي الحضارة الإسلاميَّة في مختلف العصور.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store