Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

أبناء السعوديات وغصة الكفيل ..

A A
شعرت بما يعنيه «الأطرش في الزفة» وأنا أبتسم كالبلهاء في وجه الرجل المسن في أحد المحلات التي كنت أتسوق منها في البلد، والابتسامة تغسل قسماته وهو يقول من خلف مكتبه المكدس بعينات بضاعته: «كل الناس بتدعي لمحمد بن نايف» أكمل حديثه موضحاً «لم العيلة».

أعلم مكانة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي العهد ووزير الداخلية في القلوب للإنجازات الأمنية العظيمة التي حققها للوطن، من خلال الضربات الاستباقية التي أحبطت العمليات الإرهابية التي كان يعد لها الإرهابيون، واستحق اعتراف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بالعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب وحصوله على ميدالية «جورج تينت»، لكن لم أتابع قصة «ملكة» في برنامج الثامنة، فلم أفهم قصد الشيخ بـ«لم العيلة» إلا عندما استقصيت عن الخبر وعلمت بقصة ملكة التي قرأتها منشورة في الصحف قبل ذلك لكن لم أكتشف النهاية السعيدة التي تحققت لملكة بإنسانية محمد بن نايف ففاض الحب والامتنان وأصبح هو القضية المتصدرة لأي حديث بين الناس.

إن قصة ملكة وأبنائها غير السعوديين، قصة تتكرر باختلاف التفاصيل للسعودية التي تتزوج بغير سعودي زواجاً رسمياً بموافقة الدولة والولي، وتعيش زواجاً سعيداً، لكنها تشعر كل يوم بغصة وهي لا تستطيع أن تحمي أبناءها من الأنظمة والقوانين التي تعرقل حياتهم وحياتها؛ لأنها الأم التي حملت وأرضعت، سهرت الليالي وقلبها يخفق بالآمال والآلام والأحلام والخوف من مستقبل يضع فلذة الكبد «على كف عفريت». سعادة الأم السعودية لأبناء غير سعوديين لا تكتمل وهي في وطنها بين أهلها وأحبتها لأن ابنها الصغير يعيش على تراب وطنها بإقامة كالغريب، وإذا أرادت السفر مصطحبة طفلها أو طفلتها تستوقف في مطار وصول بعض الدول لأن دخول الطفل لابد أن يكون برفقة الكفيل وهو غالبا الأب الذي ليس لديه مشكلة مع الزوجة ولكن أبناءه على كفالته ومحرومون من كل المزايا التي يتمتع بها أبناء غير السعودية من أب سعودي.

المرأة السعودية، التي أراد الله لها الاقتران بزوج غير سعودي، تعاني في كل شؤون حياتها، ولأضرب مثلاً واحداً فقط، عندما تصل برفقة الزوج إلى أحد مطارات وطنها، لا يسمح لزوجها غير السعودي الوقوف معها في نفس مسار السعوديين، بل يقف في مسار غير السعوديين، بينما تقف غير السعودية مع زوجها السعودي وأبنائها السعوديين في نفس المسار! وقعُ هذا التمييز مؤلم بالنسبة للطفل الصغير، عندما تصطحبه الأم في رحلة إلى دبي مثلاً، أو ترغب الجدة في اصطحاب أحفادها أسوة بالآخرين، ويتم استخراج التأشيرة من قبل الأب والموافقة الرسمية وكل الإجراءات النظامية، يصطدم الجميع برفض موظف الجوازات ختم جواز الطفل إلا برفقة الكفيل!

هذه العبارة كيف يكون وقعها في نفوسهم، وكيف يكون تأثيرها على نفسية الصغير، مهما حاولوا إبعاده عن سماع الحوارات، ماذا إذا تم التقيد بالنظام وطلب حضور الكفيل، ستكون مأساة للأم السعودية التي لا يحق لها اصطحاب صغارها في رحلة سياحية أو علاجية أو دراسية إلا بكفيل، والصغار مكسورو الخاطر ومحبطون.

إن أبناء السعوديات من غير السعودي يعاملون معاملة الوافدين، بينما نصفهم دماء وكلهم انتماء لهذا الوطن لأن الأم هي التي تربي وتغرس بذور الولاء والانتماء للوطن والقيم والأسرة، ومع هذا عليها أن تعيش على قارعة الخوف في كل شأن من شؤون حياة صغارها، بعض السعوديات لم تتمكن من إدخال ابنها إلى وطنها إلا بتأشيرة سائق، كم هو مؤلم إحساس شاب حاصل على تخصص علمي من جامعة مرموقة ويحلم بالعيش في وطن أمه الذي يعتبره وطنه لكنه مضطر أن يحمل مهنة سائق ويتحرك بإقامة وكفالة وكأنه وافد قادم للعمل فقط لا يرتبط بهذا الوطن برابط المواطنة إكراماً للأم المواطنة.

قصة ملكة ومبادرة سمو الأمير محمد بن نايف الإنسانية التي أبكت كل من شاهد الحلقة كما أبكت الشريان تأثراً وفرحاً وامتناناً لهذا التصرف النبيل، حركت الآمال في قلوب السعوديات أمهات أبناء غير السعوديين بأن تشمل أبناءهم إنسانية سموه بمنحهم جواز سفر سعودي -على الأقل- يكفيهم من الارتباط بالكفيل ويسري عليهم ما يسري على أترابهم السعوديين في بلد العدل والإنسانية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store