Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

التخطيط السليم لضمان المستقبل

A A
«سان سي» باللغة اليابانيَّة تقابلها كلمة أستاذ جامعي في بلداننا. ويلقى حامل هذا اللقب كلَّ الشرف والتقدير من طبقات المجتمع كافَّة، ومن الطلبة خاصَّة. فهم يقدِّرون مدرَّس سنة أولى ابتدائي بالقدر ذاته من العطاء مع المدرِّس الجامعي؛ مع ما بين المرحلتين من مدرِّسين ومدرِّسات. وهم بالتالي يتقاضون دخلًا متقاربًا من دخل من اختاروا مجالات علميَّة وإداريَّة أُخرى، وحتَّى دخل من هم أدنى نظريًّا في مجالات الخدمة البيئيَّة. هذا النوع من الخدمات التي يتحرَّج أحدنا من الإقبال عليها مع أنَّ رواتبها الشهريَّة بحدود الثلاثين ألف ريال. ولا حرج عند الأسرة اليابانيَّة في أن يكون ربُّ الأسرة مهندس بيئة (جامع قمامة أو عامل في مصانع تدويرها)، ما دام المجتمع قد وفَّر له السكن المريح والدخل الكافي ليعيش مع أسرته في حدود متوسِّط دخل سكَّان العمارة. ولا ينقص أطفاله من متع الطفولة ما هو متوفِّر لأقرانهم في الحيِّ السكني ذاته. كما أنَّه ليس مقبولًا في عرفهم على الإطلاق أن يخصَّص سرير نوم متهالك في «بئر السلَّم» عمارة سكنيَّة لحارس العمارة، وانَّما تخصَّص له وحدة سكنيَّة تتناسب سعتها وعدد أفراد أسرته. تلك كانت ملاحظات العديد من اليابانيِّين الذين زاروا عددًا من بلدان عالمنا العربي.
أشهر قليلة تفصلنا عن بدء العام الدراسي المميَّز، لكون طلبة مرحلته الابتدائيَّة الجدد سوف ينهون دراسة المرحلة الثانوية عام 2030، لا بدَّ من أن يكون منهاجهم التعليمي مختلفًا عن منهاج سابقيهم من الطلبة. فهم سيكونون الدفعة الأولى التي تدخل الحياة العمليَّة حسب خطط رؤية 2030. علينا من الآن أن نغرس في أذهان هؤلاء الطلبة وأولياء أمورهم، أن ليس كلُّ من حصل على مؤهَّل الثانويَّة العامَّة عليه أن يتابع مشوار الدراسات العليا على اختلافها، فكلُّ تخصُّص له العديد من أهرامات الخبرة والمساعدة! ومؤهِّلات الانخراط في هذه الهياكل تشترط أن يكون الطلبة والطالبات قد عرفوها واجتازوا اختباراتها أثناء مراحل الدراسة الثانويَّة، وتعرَّف المراقبون من البداية إلى ميول طلبتهم، لتوفير فرص التفوُّق والإبداع بهم. حينذاك، يكون عليهم التطبيق العملي بإشراف من أكملوا المنهج العلمي وأُجيزوا بشهادات عليا في تخصُّصاتهم. وما لم تكن أهرام الخبرة والمساعدة وطنيَّة بالكامل، ستظلُّ خطوات التنمية عندنا إمَّا تراوح في مكانها، أو تسير القهقرى، لنبقى تحت رحمة العمالة المستوردة. وفِي كلا المجالين: التخصُّصات الأساسيَّة والتخصُّصات المساعدة، يجب أن يُشرف عليها أساتذة أكفاء ومرتاحين ماديًّا وأدبيًّا. وأيُّ نهج سواها هو حرث في بحرٍ. ولذا قيل: مستقبل الأمم يبدأ بيومها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store