Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

شرعيون يطالبون بتفعيل القواعد والضوابط الشرعية في الاتجاهات الفكرية المعاصرة

No Image

أكدوا أن الأمة الإسلامية تحتاج إلى ميثاق شرف لتعزيزها على أرض الواقع

A A
مشاري الكرشمي - الرياض

طالب دعاة وشرعيون إلى تفعيل ما نادى به مؤتمر «الاتجاهات الفكرية بين حرية التعبير ومُحكمات الشـريعة»، الذي أقامته رابطة العالم الإسلامي مؤخرا، يتساوق مع ما نادى به من خلال إعداد مشروع «القواعد والضوابط الشرعية في الاتجاهات الفكرية المعاصرة»، مؤكدين أن الأمة الإسلامية تحتاج إلى ميثاق شرف يتبنى تلك الرؤية لتعزيزه على أرض الواقع لتكون مخرجاته ملامسة لواقع الأمة الإسلامية ويعالج قضاياها، مطالبين في ذات الوقت علماء الأمة إلى إيجاد خطاب إسلامي يتساوق والتحولات التي يعشها العالم.

اليامي: الأمة بحاجة إلى ميثاق شرف في التحالف والتآلف

بداية أكد عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بجامعة نجران الدكتور محمد بن سرار اليامي أن الأمة بحاجة إلى ميثاق شرف في التحالف والتآلف، ونبذ التخلف العلمي بين مؤسسات العلم ورجالاته وبين المعرفة ورجالاتها من كل قطر واتجاه في البلدان الإسلامية كهيئة كبار العلماء في السعودية ومجمع الفقه الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي ومجامع العلماء، التي تجمعهم كموسم الحج والمؤتمرات والملتقيات والندوات، فيجتمعون على وحدة الكلمة وتماسك الصف، والتعايش مع الآخرين، والسعي لكل ما فيه تماسك الأمة.

وأبان اليامي أن من ضوابط هذا الميثاق الإنصاف وعدم إهدار جهود العلماء العاملين الراسخين في العلم.. وعدم مصادرة أفكار الناس مهما كانت مخالفة مادامت في مفهوم كتاب الله وسنة رسوله.. وكذلك الإنصاف باعتبار المحاسن والمساوئ.. وإنصاف المخالف بعدم الاستخفاف به، فالهفوات تصدر من الجميع؛ لأن الاستخفاف بالآخرين يكون سببا في تضخيم الأخطاء، مما يجعله ينقسم عن الجماعة فيجعلهم عدوا وخصما له؛ لأن خطأ المخالف لا يبيح ظلمه ولا يهدر حقوقه. بالإضافة إلى البعد عن التنازع؛ لأنه إذا حصل كان خلاف المصلحة وحصلت له آثار سيئة كجهل الناس بالأمر المشروع بسبب انشغالهم بالتظالم والتخالف والتعانف بينهم. وكذلك الابتعاد عن اتباع الظن كما يفعل أهل الأهواء الخارجين عن منهج أهل التوحيد. والابتعاد عن التشهير والطعن والتفرق والاعتداء بدلا عن الاجتماع والائتلاف والموالاة والتحاب والتحالف.

السبر: إبداء الرأي يؤدي إلى تقدم وعلاج القضايا المجتمعية

في ذات السياق أكد الداعية المعروف الشيخ محمد بن إبراهيم السبر أنَّ حرية التعبير وإبداء الرأي، مما يؤدي إلى تقدم الأمة واستفادتها من الآراء والأفكار الناضجة والتجارب النافعة في علاج القضايا المجتمعية، وفي الإسلام مجال أرحب وأفق أوسع لهذا الباب المهم، وذلك بالنصيحة والموعظة الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطهما الشرعية وآدابها المرعية، وقد استوعب القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم الآراء والأقوال والاتجاهات الفكرية وتعاملا معها بالحوار والاحتواء لا الرفض والانزواء كل ذلك وصولا للحق واستثمارا للعقول والاتجاهات فيما يخدم الإنسان وينمي الوطن ويدفع الانحراف الفكري عن الفرد والمجتمع. ولقد كفل الإسلام حريَّة الرأي وحق التعبير بمفهومها الإسلاميّ، فللشخص أن يسلك من وسائل التعبير عن الرأي ما شاء إلا أن ممارسة هذا الحق مقيدة بضوابط ومحددات تضبط مسارها وتحقق النفع للأمة وتحفظ مصالح الفرد والمجتمع، وأهم هذه الضوابط: ألا تخالف الشرع في نفسها، فإذا كانت مخالفة للأدلة الشرعية أو القواعد الكليّة فإنها تكون ممنوعة؛ وليس نبل المقصد وحسن الهدف مسوّغًا لمخالفة قواعد الشريعة فمخالفتها ضرر وفساد وقد كره النبي صلى الله عليه وسلم استعمال الناقوس للإعلام بدخول وقت الصلاة قبل الأمر بالأذان؛ لما فيه من مشابهة النصارى مع كون الهدف هو الدعوة إلى العبادة والاجتماع لها.

وأبان السبر أن مراعاة احترام الدين وحفظ أصوله من أعظم ما جاءت الشرائع السماوية بحفظه وهو حفظ الدين وأن يكون المقصود من وسيلة التعبير مشروعًا فإن كان الغاية منها الوصول لما هو ممنوع في الشرع أو التوصل بها إلى غرض سيئ فإنها ممنوعة غير مشروعة كالدعوة إلى الإلحاد أو التشكيك في المعتقدات، أو نشر الأفكار المنحرفة والضالة أو تفريق الأمة أو الدعوة للخروج على ولي الأمر المسلم، فمن دعا لباطل أثم بذلك وكان عليه وزر من عمل به.. وكذا كل وسيلة موصلة للباطل؛ فإنه لا يسوغ سلوكها.

ونوه السبر بألا يترتب على حرية الرأي أو التعبير مفسدة أكبر من المصلحة المقصودة منها؛ إذ درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، ومن ذلك أن يحصل من سلوك الوسيلة زيادة فساد أو إتلاف لنفس معصومة أو مال محترم أو كان مسببًا لفرقة واختلاف، أو سببًا لتعصب أو نحو ذلك وكذا ألا يترتب عليها فوات مصلحة أعظم ولو مع حصولِ مصلحةٍ أَقَلّ؛ إذ لا شك أن الشرع يطلب تحصيل المصالح الأعظم، ومن قواعد الشرع: (تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أقلهما).

وأردف السبر أنه من المهم جدا الرجوع إلى الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة فهي مستوعبة لكافة القضايا وفق فهم السلف الصالح لحرية الرأي والفكر وتعامل المنهج الإسلامي مع الانحرافات الفكرية والتأكيد على أخلاقية أمانة الكلمة.. معتقدا أن رابطة العالم الإسلامي بما تملكه من مقومات ووسائل مؤهلة للقيام بهذا الدور المهم كونها منظمة عالمية تحظى بالقبول والاحترام من الجميع. يمكن متابعة تلك القواعد والضوابط عن طريق ميثاق شرف مع مراعاة الانظمة الداخلية في تلك الدول وميثاق تأسيس المنظمات ومتابعة من الدول الأعضاء بما يحقق الهدف.

الأحمري: على علماء الأمة إيجاد خطاب إسلامي يزرع التفاؤل ويتعايش مع قضاياها

ومن جانبه أشار الداعية الإسلامي المعروف والباحث الأسري الشيخ خلوفة الأحمري إلى أن هذا المؤتمر قدم رؤية جماعية لوضع الاتجاه الصحيح، فيما يتعلق بقضايا الأمة، ولعل من أبرز القواعد والضوابط الشرعية التصدي لخطاب الكراهية والازدراء والتحريض والتأجيج بين المسلمين، بالإضافة إلى أدب الحوار وعدم الإقصاء، وفقه الاحتواء، وعدم تهميش الإسلام وقواعده، وكذلك السعي لمعالجة أسباب النزاع والفرقة والعمل على احتواء قضايا الأمة الإسلامية الكبرى، وهذا سيقضي على تلك الأيادي التي تبحث عن قضايا المسلمين لتقتات عليها، بالإضافة إلى أهمية التعايش بين المسلمين والآخر، والتصنيفات الفكرية والدينية فهو من الفتنة بين المسلمين ومن أسباب التناحر والتدابر.

وأضاف الأحمري أن كل المنظمات والدوائر التي ترتبط بمنظمة المؤتمر الإسلامي ترتبط عن طريق مؤسسات حكومية أو خاصة، وهذه يمكن متابعتها عن طريق رابطة العالم الإسلامي.. مشددا على أن المنوط بوضع تلك الضوابط هم علماء الأمة عن طريق المؤسسات المعتبرة وعن طريق اللقاءات والحوارات والمؤتمرات الناضجة التي ستثمر عن إيجاد خطاب إسلامي متميز يزرع في الأمة التفاؤل ويتعايش مع قضاياها، ويحاول أن يجيب عن الأسئلة الملحة التي تدور في فلك العالم الإسلامي، التي اقتات عليها بعض الجهلاء ومن ظلموا دين الله تعالى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store