Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

التطور والنمو الاقتصادي الطبيعي والدولة

A A
النمو والتطور الاقتصادي عادةً ما يكون طبيعيًا ومن فطرة البشر داخل الأمم، حيث جُبِلَ البشر على الرغبة في تحسين أوضاعهم، واكتساب الدخل بحجم أكبر مستقبلاً وتقوم عليه كل النظريات الاقتصادية. فالإنسان يدَّخر بهدف أن يُنفق مستقبلاً أكثر مما يُنفق اليوم، ويستهلك أكثر مما يستهلك اليوم، بل وحتى في شرعنا، نجد أن تسعة أعشار الرزق في التجارة. وينادي العالم بحرية الاقتصاد والتجارة، وعدم وضع القيود وخاصة الحمائية منها، حتى يستفيد الإنسان من كفاءة الحرية الاقتصادية، والقدرة على ممارسة النشاط الاقتصادي.

ولكن عادةً ما يتبيَّن الإنسان أنظمة وقوانين بهدف حماية المجتمع من الاستغلال، أو أن يُساء للبعض من خلال البعض الآخر، وتنمو هذه الأنظمة وتتوسَّع دون وجود رؤية لها، وينجم عنها تحجيم للنشاط والنمو الاقتصادي، وحتى مع مرور الوقت وعدم وجود جدوى منها ننسى وجودها، وتظل معيقة ومُحجِّمة للنشاط الاقتصادي. وبالتالي تضع الدولة أنظمة وقوانين بهدف واضح، ولكن يُترَك المجال للجهات التنفيذية للتطبيق، فيتدخَّل الفرد المُنظِّم بفهمه للنظام، ويُشكِّل معيقاً جديداً له.

حالياً تعيش السعودية حقبة جديدة من تاريخها بهدف النهوض وتحقيق عدد كبير من الأهداف من ضمنها تخفيف الاعتماد على النفط، ورفع مساهمة مختلف القطاعات الأخرى لدعم وتنشيط الاقتصاد السعودي ورفع مساهمة الفرد. وتم تقديم وتحديث عدد من المبادرات الاقتصادية تمهيداً لدفع الاقتصاد السعودي خطوة إلى الأمام، وبناء مستقبل زاهر لأمة فتية جُل سكانها من الشباب، وهو أمر يبعث في الفرد الحيوية والنشاط والتفاؤل.

ولكن يجب أن يُعاد النظر في كثير من الأنظمة والقوانين مهما صِغَر تأثيرها، حتى لا تكون هناك عوائق أمام التنمية والتطور الاقتصادي. فالكل يتحدَّث عن مختلف جوانب العملية الاقتصادية، ولكن تبقى بعض الأنظمة والإجراءات على أرض الواقع مثبطة للحركة الاقتصادية ومانعة لها، ولو رجعتَ لبعض هذه الأنظمة لوجدتها استُحدثت بفعل وقائع وأحداث عرضية، ولكن من باب الحرص أكثر منه دراسة متأنية للواقع وضرورتها. وهنا أعرض مثالاً بسيطاً -وليس جذرياً- يخص الدفاع المدني، والذي يُعد في بعض الأحيان معيقاً؛ بدون وجود نظام واضح أو لوائح واضحة، وتُترك لتفسير الجهة نفسها. فمثلاً الحصول على شهادة من الدفاع المدني في المدارس الحكومية المستأجرة شبه مستحيل، بل وتصل عملية العرقلة إلى عدم حصول المؤجر على إيجاره لعدّة سنين، وهو مثال بسيط، وقس عليه في مختلف القطاعات التي تتوفر فيها أنظمة قديمة انتهى دورها، ونحن في حاجة لإعادة دراستها وتقنينها، حتى لا تثبط الأنشطة الاقتصادية، وتُحقِّق الرؤية أهدافها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store