Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

الإحسان في رمضان

A A
لا يختلف اثنان ممَّن مكَّنهم الله من صيام شهر رمضان، في بلد الحرمين، على الشعور بروحانيَّة وصفاء وتقرُّب إلى الله، وإحياء طقوس فيها الكثير من المتعة للصغار، وفرحة الصيام للبالغين والمتقدِّمين في العمر.

يذكر الكثيرون منَّا قوافل ضيوف الرحمن التي دفعها الشوق لأداء طقوس العمرة والزيارة، متحمِّلين مشقَّة السفر برًّا، وكيف كانت تقف بهم حافلات نقلهم عند أسوار الحرمين، والساحات الواسعة، ومع تتابع مراحل توسعة الحرمين الشريفين، تبدَّلت أمكنة وقوف الحافلات المؤهَّلة لنقل ضيوف الرحمن من بوَّابات الحرم إلى مواقف رسميَّة خارج حدود المدينتين المقدَّستين؛ لتخفيف الضغط على الطرق المؤدِّية إلى الحرمين الشريفين، ولتوفير أماكن الصلاة داخل المساجد للمصلِّين وللمتعبِّدين.

أمَّا ظاهرة موائد الرحمن، فقد استغَّلت معظم تلك المساحات لتقيم فوقها من لحظة انطلاق مدفع الإفطار إلى تكبيرة الإمساك موائد عامرة بكلِّ ما لذَّ وطاب، يموِّلها أغنياء متقرِّبون إلى الله. تقدَّم بكميَّات فيها الكثير من الإسراف، ومن تضييق الصدر على من قلَّ دخلهم، وزادت تكاليف معيشتهم، في ضوء الأزمات الماليَّة على مستوى العالم، بعد سنوات عديدة من البحبوحة والرخاء. فترى حاويات البلديَّات تنقل على التوالي من ساعات الغروب إلى ساعات الإمساك فائض الموائد، وهو أضعاف ما استهلكه الصائمون. لذا، يتبادر سؤال عمَّا إذا كان على البلديَّات وضع ضوابط لهذه الموائد، وما تقدِّمه من طعام وشراب، ليتَّفق ومعنى «فكِّ الريق» عند الصائم. وإذا ما كانت نسبة الفقراء من المتعبِّدين وأهالي المدينتين المقدَّستين قد تدنَّت إلى ما دون درجة الصفر! فعلى الجهات المختصَّة التي عُهِد إليها صحَّة المواطن والمقيم، ومن زائر للحجِّ والعمرة، اختيار نموذج الوجبات الجاهزة التي توفِّر للصائم ما يسدُّ رمقه، ويقيه من الجوع والمرض، في حدود السعرات الحراريَّة التي يتطلَّبها أفراد الأسرة، توزَّع عليهم في مواعيد محدَّدة كلَّ يوم، ويلتزم بتمويلها وإعدادها وتوزيعها صندوق يموِّله من كانوا يحرصون على تمويل موائد الرحمن، فيستفيد من وجباته كلُّ الفقراء، والمعوزين من بوَّابات الحرم إلى أبواب المساجد والأربطة. (وهي البيوت التي يوهبها أهل البرِّ والإحسان لإقامة المعوزين وممَّن تقدَّم بهم العمر).

فِي ذاكرتي أنَّ مثل هذا التوزيع من باب التكيَّة إلى بيوت الفقراء والمعوزين، كان معمولاً به في التكيَّة المصريَّة في كلٍّ من مكَّة المكرَّمة والمدينة المنوَّرة، يموَّل من صندوق أوقاف الحرمين الشريفين في مملكة مصر والسودان، وتمَّ إغلاق الصندوق مع تحول القصور من ملكيَّة إلى جمهوريَّة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store