Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

الأحداث المتلاحقة.. وتغذية فئران الحقل

A A
تتسارع الأحداث، تشعر أنك لا تستطيع أن تغمض عينيك، تُحدث تشويشًا في عقلك، يُمارِس اضطرابا في تفكيرك، ويقض نومك؛ لكنها الحياة، من شروطها الجريان، كالمياه، إذا سكنت ركدت وأسنت وتحولت إلى مستنقع، لا تستطيع أن تضع قدمك فيه لأن مياهه آسنة، تُسبِّب لك كارثة صحية لا قدر الله، لا كمياه النهر، التي لا تستطيع أن تضع قدمك فيها مرتين؛ لأن مياهه جارية، فعندما ترفع قدمك وتعيد وضعها مرة أخرى، تكون مياهًا جديدة تدفَّقت تحت قدمك ومضت.. وهكذا.

الجريان والتتابع سنة الحياة، حتى الدماء تجري في عروقك، فإن أعاقها عائق وتوقفت لحظات، توقف القلب والنبض والتنفس وأجهزة الجسد الحيوية حتى تعود أو تتوقف للأبد، النهار والليل، والشمس والقمر، والنجوم والكواكب، كلها في حركة وتتابع، والوطن كالجسد، كل شيء فيه يجري لتتغير مياه النهر كل لحظة، وكي لا يتحول إلى بحيرة راكدة سرعان ما تُصبح آسنة، فالدول الكبرى والعظمى عندما ركدت الحياة السياسية فيها تآكلت وتضاءلت، أو تحوّلت إلى مستنقعٍ آسن بالصراعات الداخلية، تضعف الدولة وتنهار، ولدينا من التاريخ أمثال الامبراطورية الأموية، رغم أنها ارتكزت على نظام حكم من أقوى الأنظمة، لكن صراعات الحُكم الداخلية مهَّدت للثورات على امتداد الدولة، ثم سقوط الدولة الأموية أمام المد العباسي في معركة «الزاب الكبير» عام 750م.

الامبراطورية العثمانية، أسسها عثمان بن أرطغرل، تحولت إلى امبراطورية بغزوها للقسطنطينية عام 1453م، وضمت إليها 29 ولاية بين أوربا وآسيا وإفريقيا، حكمت الامبراطورية السلالة العثمانية، التي تنتمي إلى العرق التركي، ثم تآكلت وانتهت نتيجة الصراعات على الحكم.

قراءة التاريخ جيدا ومعرفة أسباب تفكك وزوال الامبراطوريات العظيمة، كمن يتعاطى جرعات مناعية ضد الثغرات السياسية، التي يمكن أن تصيب دولته بالتفكك والانهيار، وهذا ما دأب على فعله «آل سعود» منذ بداية الدولة السعودية، وها نحن اليوم نشهد عهدا شابا متمثلا في تولي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، وتولي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف وزارة الداخلية، الأميران الشابان خير خلف لخير سلف، خلفا في منصبيهما صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، الذي شهد له العالم بمهارته الأمنية في القضاء على الإرهاب، وإحباط الأعمال الإرهابية قبل وقوعها، وملاحقة الإرهابيين والكشف عن أوكارهم.

الوطن، أمنه وسلامته هو الأولوية في التعاطي السياسي لأبناء المؤسس، الوطن ليس أرضًا فقط، بل مواطن واع فطن يستوعب أهداف التغيير، ويتفاعل مع القرارات السياسية الهادفة إلى الحفاظ على هذا الكيان الكبير، كقرار مقاطعة دولة قطر، التي تسعى منذ سنوات لتقويض أركان هذا الوطن؛ بالدسائس والتدخلات وتغذية الجماعات المتطرفة المتأخونة والمتشيعة، وأفراد القاعدة والمعارضة لتقوية شوكتهم ضد وطنهم، الذي وفر لهم أسباب الحياة والعلم والقوة، ليكونوا بناة فاعلين في تنميته وقوته، لكنهم للأسف يريدون الارتداد عليه، وأصبحوا أداة في أيدي حُكَّام دويلة صغيرة عاصية ومنشقَّة، تريد أن تكبر وتصبح كيانًا عظيمًا عن طريق تغذية فئران حقل جيرانها وأشقتها ليُدمِّروا حصاده، ويأكلوا ثماره، كل شيء ينمو يعتمد على وسيلة غذائية تمده بالطاقة والحيوية للاستمرارية والتكاثر والنمو، كالتنظيمات الإرهابية، التي دأبت قطر على تغذيتها ودعمها، لكن كيدهم ارتد في نحرهم وسقطوا في الحفرة، التي حفروها لجيرانهم.

بفضل الله ثم بفضل القيادة الحكيمة أصبح عيد الوطن عيدين، واستبشر المواطن خيرًا بدفقة شابة تُغذِّي مفاصل المناصب القيادية في الوطن، ودفقة اقتصادية تعود إلى جيوب المواطنين بإعادة البدلات بأثر رجعي، وإبطال جريمة إرهابية استهدفت بيت الله الحرام، كل هذه الأحداث المتتابعة خلال العشر الأواخر من رمضان تُؤكِّد قوة هذا الكيان «المملكة العربية السعودية»، ليشهد العالم صلاة العيد من بيت الله الحرام، وتلك الحشود يتقدمها خادم الحرمين الشريفين، كما شهد العالم مبايعة الوطن لمحمد بن سلمان.

كل عام وأنتم بخير في وطن الخير.. جعلكم من عواده.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store