Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

رؤية وجه الصحافة يتغير (3)

A A
يمكنني عند التفكير في طفولتي تذكر بعض الأشياء التي انقرضت بشكل كامل أو شبه كامل مثل الزير والحنطور والإتريك والدافور وهاتف القرص. والواقع أن كثيراً ممن هم أصغر سناً يمكنهم تذكر قائمة أطول بأشياء كانوا يستخدمونها واختفت مثل الآلة الطابعة وشريط الكاسيت والقرص المرن والهاتف السيار والبيجر. ويمكن للمتابع ملاحظة التزايد المضطرد لسرعة التغيير والإحلال لدرجة أن أطفال اليوم أصبح بمقدورهم وضع قائمة خاصة بألعابهم الإلكترونية التي أصبحت سريعاً جزءاً من الماضي ليحل محلها ألعاب فيديو تفاعلية متصلة بالإنترنت تستخدم الواقع الافتراضي والمعزز. أذكر شخصياً كيف كنت قبل سنوات قليلة أتلهف كل صباح لقراءة الصحف لمعرفة ما يدور حول العالم، وقلقي عند سفري لأيام من غياب المعلومة وتأخر إنجاز المعاملات في مكتبي، وكيف أصبح بمقدوري حاليا السفر لأسابيع دون أدنى قلق بفضل هاتف ذكي صغير يجعلني قادراً على حمل كل أعمالي معي وإنجازها من أي مكان في العالم. هذه الهواتف الذكية أصبحت تستخدم معالجات قوية وشاشات كبيرة وذاكرة واسعة وارتباطاً سريعاً بالإنترنت بشكل يجعلها بديلاً كاملاً لأجهزة الكمبيوتر المكتبي والمحمول أيضاً.

كيف أمكن الوصول إلى هذه الدرجة من التطور بهذه السرعة ؟ الإجابة على هذا السؤال تكمن في أداة صغيرة لا يتجاوز حجمها ظفر الإنسان وهي الرقائق الإلكترونية.

هذه الرقائق هي اللبنة الأساسية لعصر المعلومات والتي قامت عليها معظم التطورات الإلكترونية في السنوات الماضية، وقد تطورت تلك الرقائق بشكل مذهل خلال أقل من عشرين عاماً، ليس فقط في قدراتها أو تصاغر حجمها الذي جعل بالإمكان وضعها في أي شيء، ولكن في أسعارها أيضاً، بحيث أصبحت التكنلوجيا (السلعة) الوحيدة التي تزداد جودتها وتنخفض أسعارها.

تخيلوا أن أول معالج إلكتروني تم تطويره بواسطة شركة Intel عام 1971م كان يحتوي على 2.300 ترانزستور، هذا الرقم وصل إلى 30 بليون عام 2017م حيث تمكنت شركة IBM من وضع هذا الرقم الضخم من الترانزستورات في شريحة واحدة بحجم ظفر الإنسان. هذه التطورات هي عصب الإعلام الجديد فقد جعلت بالإمكان إنتاج جيل جديد من أجهزة الكمبيوتر فائقة الصغر والقادرة على أداء نفس العمليات التي كان يقوم بها كمبيوتر بحجم الغرفة في الستينيات. المثير في هذه الإنجازات هو إعطاؤها دفعة جديدة لقانون «مور»، الذي توقع فيه العالم «غوردون مور» أن يستمر تضاعف عدد الترانزستورات التي تحتويها المعالجات وتزيد كفاءتها ويصغر حجمها كل 18 إلى 24 شهراً وهو رقم تم تجاوزه بكثير ويصعب معرفة أين سيصل مستقبلاً.

الدرس الذي ينبغي لكل إعلامي تعلمه مما سبق هو أن التكنلوجيا أصبحت جزءاً أساسياً من المهنة وأن عدم القدرة على التطور ومسايرتها يعني التخلف عن الركب والفناء كما حدث لمنتجات وصناعات عديدة منها على سبيل المثال نوكيا .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store