Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

تعليمنا.. وفقاعات التطوير

A A
لا يختلف عاقلان على أن نظام التعليم بكل مكوِّناته المادية والبشرية، يُعدُّ المحور الأساس الذي تقوم عليه العملية التنموية برمّتها، وأنه المنطلق الحقيقي لكل حركة تطوُّر حضاري تعيشه أي دولة في العالم، وما يُؤكِّد ذلك تتبع العديد من تجارب الدول التي تحوَّلت من دولٍ مستهلكة فقيرة، إلى دولٍ منتجة غنية، بعد أن قامت بتطوير أنظمتها التعليمية وفق أحدث وأنجع الأساليب، ومن أبرز تلك الدول على سبيل المثال لا الحصر أمريكا وروسيا واليابان وماليزيا وسنغافورة وغيرها، وبما أننا دولة تتطلع إلى الارتقاء إلى مصاف تلك الدول، وتسعى لأن تكون دولة منتجة للمعرفة لا مستهلكة لها، فإن نظام التعليم لدينا لابد وأن تُعاد صياغته من حيث سياسته وخططه وأنظمته وهياكله ومبانيه وكافة مكوّناته البشرية والمادية، بما يتفق ومسايرة التطور الذي يعيشه العالم من حولنا،ويقيني أن قيادتنا في هذه المرحلة تحديداً تسعى لتحقيق ذلك الغرض، حيث نراها تُقدِّم كل الدعم بمختلف صوره، لذا أتمنى من مسؤولي التعليم أن يأخذوا في الاعتبار التشخيص العلمي الدقيق للأسباب التي أفشلت الكثير من التجارب التطويرية السابقة، وما أكثر تلك التجارب عبر عدّة عقود، تلك التجارب التي تُعد رائعة في محتواها النظري، لكنها فشلت عند تطبيقها لعدة أسباب أرى أنها لا تخرج عن الأسباب التالية:

- عدم تهيئة البيئة المناسبة لنجاحها، كالأنظمة والهياكل والمباني والقيادات التعليمية.

- تعدد الممارسات التخريبية التي مارسها البعض من خلال تحوير محتواها أو توجيهها إلى غير الهدف الذي وُضعت من أجله، أو من خلال تلبيسها ألبسة ملوَّنة بألوان منهج وفكر البعض.

- عجز كثير من القيادات التعليمية عن تنفيذ ومسايرة تلك الخطط وعدم استيعاب البعض لمدخلاتها.

والمحزن أن تلك التجارب الفاشلة تهدر المليارات من المال وتهدر الكثير من الوقت والجهد مما يترتب عليه ضمور الجانب المعرفي والسلوكي للطلبة والطالبات.

ولعلي هنا أستعرض أبرز تلك التجارب والبرامج الفاشلة التي طُبِّقت على طلاب وطالبات مدارسنا، حيث كان البدء في تنفيذها عام 1395 هجرية، حينما بدأ تطبيق تجربة الثانويات الشاملة التي لم تستمر إلا عدة أعوام، حيث تلاها تجربة الثانويات المطورة عام 1412هجرية، ثم أوقف بعد عشر سنوات، وتلاها تجربة نظام الحصص (النظام السنوي)، ثم تبعه بعد ذلك تجربة النظام الفصلي بديلاً للنظام السنوي، ثم تجربة نظام المقررات، ثم الكثير من التجارب والبرامج التي فشلت قسراً، ولازالت التجارب جارية حتى كتابة هذا المقال، الأمر الذي يقتضي الالتفات لتصحيح المسار في مؤسستنا التعليمية.

فهل نسمع قريباً عن خطوات تعيد للمسيرة التعليمية في بلادنا مكانتها وفاعليتها ودورها المأمول. هو ما نرجو.. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store