البعد الإيجابي في الحياة

يعيش كثيرٌ من الناس أسيرًا لمُسَلَّماتٍ تُفقده التفكير في تغيير نمط الحياة، والنظرة السوية للكون من حوله، فيبقى عاجزًا عن تغيير ما استقر في ذهنه تجاه الأشخاص والمجتمعات والبلدان والأحداث، ولذلك ينبغي أن يُدرك الإنسان أن الحلول المناسبة للمشاكل تكون بدايتها بالنظرة الإيجابية تجاهها، لأن إعطاء أي أمر أو مشكلة حجمًا أكثر مما هي عليه؛ يزيد من تعقيدها، وقد يجعل الحل مستحيلاً. فالمبالغة في التحليل والإغراق فيه يُولِّد العجز والاستسلام. ولكي يخرج المرء من هذا؛ عليه أن يتخلَّص من أمورٍ كثيرة، أوَّلها السلبية والتردد، لأن اليد المرتعشة لا تتخذ قرارًا، والتفكير السلبي قاتل صامت، والداء العضال أن يوحي الإنسان أو يقبل إيحاء الآخرين بأنه عاجز عن عمل في إمكانه أن يقوم به، أو اتخاذ قرار يملك مؤهلات اتخاذه، وكذلك عليه أن يكتشف ذاته ويُنمِّي قدراته، ويتكيَّف مع الواقع ما أمكنه ذلك. ولكي تكون الصورة أكثر وضوحًا أنقل هذه القصة التي تشير إلى أن الإيجابية سرٌّ من أسرار السعادة والرضا والثقة وتوقُّع النجاح، وكان أول طريق إليها هو التفكير والثقة، وعدم قبول إيحاء الآخرين.

يُحكَى أن ثرياً أعرج ذا عين مصابة طلب من كل رسامي مدينتهِ الاجتماع، وعندما اجتمعوا طلب منهم أن يرسموا له صورة شخصية شرط ألا تظهر عيوبه من عرجٍ وعور.

تعجَّب الرسامون كلهم، وأخذوا يتساءلون: كيف لنا أن نرسم له صورة تُظهره سليماً لا عيوب فيه، وهو أعرج ولا يملك إلا عينًا واحدة؟.. كيف سنرسم له صورة بعينين سليمتين وأرجل سليمة؟.

وبعد نقاش بين الرسامين جميعاً، جاء قرارهم برفض هذا الطلب، لأنهم لا يستطيعون تزييف الحقائق. في أثناء ذلك ظهر رسَّام من بين الرسامين، وقال إنه سيقوم برسم صورة، قابلاً شروطه وخافياً عيوبه، وطلب مهلة لرسم تلك الصورة.

ذهب الرسام في الموعد المتفق على إنجاز الصورة وتسليمها إلى الثري، واجتمع الجميع ليرى تلك الصورة التي سوف تخفي العيوب، وكانت المفاجأة!

صورة رائعة ذكية، يظهر فيها الثري ماسكاً بندقية الصيد الخاصة به، وفي أثناء الصيد يكون الصياد مغلقًا لإحدى عينيه حتى يصيب الهدف، واقفاً بانحناءِ إحدى رجليه ليرتكز عليها ويتقن الاصطياد.

من ثم لم تظهر في الصورة عينٌ مصابة ولا رجل عرجاء!

بهذه الإيجابية نستطيع رسم صورة جميلة للناس، كاشفة عن أبعادهم الإيجابية مهما كانت عيوبهم ظاهرة للعين المجردة؟، فلا يوجد شخص على وجه الأرض خالٍ من العيوب.

ركز في نظرتك لصديقك أو لجارك أو لأقاربك على الجانب الجيد من شخصيته، الإيجابي من ظروفه وخلقته، وابحث عن هذا الجانب بداخلك وبداخل من حولك تنل الراحة والسلام.