Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

إسرائيل تحتفل بعيد الاستقلال.. عن من؟!

ويا أيها المحتفلون بيوم الاستقلال الذي هو يوم الاستغلال افهموا! قيم العودة لن تبهت، مع شهداء يحمدون الله أن ماتوا! وأحياء يتمنون أن يحل الموت! هنا آباء تصعد دعواتهم للملكوت.. وأمهات ينجبن عزيمة الى آخر الشوط! رجال يدفنون أبناءهم وهم يرددون: نحن لا نجود.. لكنها فلسطين التي تجود.. ونساء يبدأن الكلام.. بسبحان من له الدوام!

A A
نقلت الشرق الأوسط عن مراسلها في الأراضي الفلسطينية المحتلة يقول: إن خلافاً وقع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصديقه رئيس الكنيست يولي إدلشتاين بسبب خطاب في ذكرى «يوم الاستقلال»!. والحق أن كلمة استقلال في الحالة الإسرائيلية تثير الضحك أكثر مما تثير الدهشة أو حتى الغضب! الاستقلال ممن أو عن من؟ عن فلسطين مثلاً؟، عن الولايات المتحدة؟ عن بريطانيا؟!. صحيح أن الخبر يدور حول طبيعة الخلاف، حيث قررت وزيرة الثقافة ميري ريغف توجيه الدعوة لرئيس الكيان رؤوفين ريفلين ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لإلقاء كلمتين، فيما يصر إدلشتاين على أن يكون وحده هو المتحدث في «عيد الاستقلال»، لكن ما يستوقف المرء هو المناسبة نفسها واسمها واسم الداعين والمدعوين لها!.

أما عن المناسبة واسمها فهو في واقع الأمر وطبيعة الحال «عيد الاستهبال» أو «عيد الاستغلال»، وأما الداعون فيتصدرهم ميري ريغف الوزيرة اليهودية مغربية الأصل، وأكبر مناصرة للمثليين، والرافضة لإلقاء قصائد محمود درويش!، وقد ظهرت ميري مؤخراً في مهرجان (كان) السينمائي مرتدية فستاناً عليه من الذيل صورة للقدس يبدو فيها المسجد الأقصى وقبة الصخرة!.

ولمن يريد التعرف أكثر على وزيرة الثقافة الإسرائيلية، باعتبار أن الثقافة لدى بعض العرب شيء والاحتلال شيء آخر! ناهيك عن احتمالية دعوتها أو الالتقاء بها في المناسبات الثقافية العربية والعالمية، فقد تجندت ميري في جيش الاحتلال وترقت حتى وصلت الى منصب المتحدثة الرسمية لجيش إسرائيل!.

أما المدعوون لإلقاء كلمة في حفل (عيد الاستقلال) الإسرائيلي الذي هو قمة الاستهبال، فهما من وجهة نظر ميري، الرئيس رؤوفين ريفلين، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.. الأول جاء أبواه إلى فلسطين عام 1810، والثاني أبوه بولندي وأمه أمريكية!.

على الطرف الآخر، يصر رئيس الكنيست يولي إدلشتاين على أن يكون هو المتحدث الوحيد في عيد (الاستقلال) أو الاستغفال! وامتداداً لهذا الاستغفال يكفي أن تعلم أن إدلشتاين ولد في أوكرانيا وهاجر إلى فلسطين عام 1987 أي قبل نحو عشرين عاماً فقط، واستوطن في مستوطنة «نافيه دانييل» ببيت لحم، وهو أكثر عناصر التيار الصهيوني تشدداً!

في المقابل وفي الجزء الآخر من فلسطين كان المشهد الجميل.. نساء وأطفال بامتداد الحقول.. وهتاف وصدح كألحان الطيور.. وآباء كبار يدمعون على الجسور! يرمقون المقابر في البعيد.. حيث الجدود الذين أوصوهم يوماً بتجاهل الأكاذيب والوعود!

إنه الشعب صاحب الأرض الذي يضخ من أعماقه جمر الغضب.. سحائب من لهب.. أن تبّت يد المحتل الغاصب وتب! إنهم الشهداء الأحياء الذين كان جل حلمهم في المساء، توافد المهنئين بالشهادة على البيت المضاء.. بل على الوطن المضاء!

إنهم الذين يخيطون من قيم الإرادة والعزيمة والصلابة أثواب عمرهم وأكفان حياتهم، حتى تحيا فلسطين، رغم أنف المحتلين المحتفلين! إنهم الذين يفرحون عندما تطير أرواحهم في السحاب، وتنزل أجسادهم تحت التراب!.

مثل هؤلاء الرافضين لكل خطى الاعوجاج والشقاق.. لن تستعصى عليهم قبة الأقصى وخطوة البراق!، مثل هؤلاء يصهلون بالنداء الذي يستشعرونه كل يوم من صمت الشهداء.. مثل هؤلاء سيطردون كل الغربان الواقفة عن قرب وعن بعد فوق حدود البلاد!

ويا أيها المحتفلون بيوم الاستقلال الذي هو يوم الاستغلال افهموا! قيم العودة لن تبهت، مع شهداء يحمدون الله أن ماتوا! وأحياء يتمنون أن يحل الموت! هنا آباء تصعد دعواتهم للملكوت.. وأمهات ينجبن عزيمة الى آخر الشوط! رجال يدفنون أبناءهم وهم يرددون: نحن لا نجود.. لكنها فلسطين التي تجود.. ونساء يبدأن الكلام.. بسبحان من له الدوام!

أيها المحتفون بما تسمونه يوم الاستقلال.. لن يقتنع العالم بكم ولا باحتفالكم رغم الأعوام السبعين الطوال! فحين يصرخ الشعب الفلسطيني يتنزل سمت الجلال.. عليه بشارات النصر وأبهة الجمال.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store