يدور نقاش حاليا في عالم الاستثمار، حول أهمية محال التجزئة واستمراريتها في مواجهة التجارة الإلكترونية، وهل سيتغيَّر النمط مستقبلاً؟ وكم الفترة التي سيستغرقها؟.. والواقع أن المستهلك ونمط حياته واستخدامه لوقته هو المحور الأساسي للمنافسة الحاصلة بين المحال والتجارة الإلكترونية.. فاستمرار نمط وأسلوب حياة المستهلك واستخدامه للوقت هو في الواقع؛ المحور الذي يجب أن يدور عليه، ولا ننسى العوامل الخاصة بالسوق السعودي، (التوطين، أوقات العمل، ووقت الفراغ).. وبالتالي نجد أن اهتمام الأفراد بالتجارة الإلكترونية واستخدامها يعتمد على وقت الفرد، ونمط التسوق، وهل هو نشاط مهم للأسرة ومحور أساسي لها، والحركة في الأسواق والازدحام في الشوارع.
اعتدنا في السعودية أن التسوُّق والدخول في الأسواق جزء من نشاط الأسرة التي تتطلع له وتمارسه، وخاصة قبل المواسم المحددة والمهمة عندنا، وخاصة الأعياد. يُضاف له نشاط الأسواق من الحجاج والمعتمرين، والذي يعتمد فيه على فئات ذات قدرات مؤثرة في الطلب على التجارة الإلكترونية. ولكن هناك مُؤثِّرات أخرى في السعودية لها علاقة بمتغيرات مؤثرة، مثل: التوطين، والمقيمين، وأوقات الدوام... وغيرها من المؤثرات التي تؤثر على انتشار التجزئة، وتجعل التجارة الإلكترونية حل حيوي ومُؤثِّر وداعم لنشاط التجزئة، والتركيز على بُعد إلكتروني ولوجستي.
ويبقي بالتالي السباق بين المحال والتجارة الإلكترونية مفتوحا، وغير راسخ، بسبب طبيعة ونمط حياة المستهلك، (سلوك المستهلك)، وهو مختلف بالطبع بين منطقةٍ جغرافية وأخرى. ولا يمكن أن ننظر لما يحدث في الدول المتقدمة، ونوعية ووعي وسلوك المستهلك وتعميمه على مناطق يختلف فيها اهتمام وطبيعة سلوك المستهلك فيها. لذلك يجب أن نتعرف على المستهلك ونمط سلوكه ومدى تأثُّره بالتغيُّرات العالمية، ودرجة ومعيار التحوُّل، فمِن المهم أن نعرف ونُدرك التغيُّر، وتوقيت حدوثه، وقُدرتنا على التحوُّل، والاتجاه نحوه، حتى لا ندفع الثمن غاليا. ولندرك أن ما هو غير مهم عند البعض، هو مهم وثمين لدى البعض الآخر، ونخاطب ونتأقلم مع المستهلك الذي نخدمه. فالتحوُّل قبل السوق وقبل اتجاهه عادةً له ثمن يُدفع، من خلال خسارة جزء من السوق، وكل شيء -كما يقولون- في وقته حلو.. ولا شك أن التجارة الإلكترونية تُوفِّر لنا بيئة عمل مختلفة، تعتمد على اللوجستيات، وهي نفسها التي يعتمد عليها نشاط المحال في التجزئة، مع اختلاف في التركيز والتوجيه.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
