Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

أغنية في حفل «كيم» و «مون» .. «سيادتك عمري»!

كنت أتابع الحدث أو المشهد الجميل، منذ أن وطأت قدم "كيم" لكوريا الجنوبية، متوقعاً حدوث أو صدور تصرف حركي، أو لفظي، أو انقلابي، لكن الأمور مضت في رومانسيتها، وكأننا نتابع لقاء نجمين سينمائيين، أو مطربين متنافسين، أو لاعبين شهيرين

A A
تابع معي حجم ونوعية المفردات التي طغت على السطح طوال الساعات الأخيرة منذ ذلك العشاء الجميل الذي جمع رئيس كوريا الجنوبية «مون جاي إن» برئيس كوريا الشمالية «كيم جونج أون» وكأننا في حلم!

قبل العشاء، زرع الزعيمان شجرةً، وكشفا عن حَجَر كُتب عليه «زرع السلام والازدهار»، ثم سارا قليلاً بجانب الحدود وجلسا على مقعدين على ممشى خشبي.

يقول مون: «الربيع قد يكون وصل إلى شبه الجزيرة الكورية»، ويرد «أون»: «كنت متحمساً للقاء في هذا المكان التاريخي..إنه لأمر مؤثر بالفعل أن تأتي كل هذه المسافة، للترحيب بي بنفسك».

وبلغة رومانسية واضحة يضيف «كيم» : إن هذا الاجتماع «يمكن أن يعوّض الوقت الضائع».. «تاريخ جديد يبدأ الآن. عهد من السلام». ثم يمازح «مون» قائلاً: آسف لإيقاظك أكثر من مرة مضطراً، بسبب تجارب إطلاق الصواريخ التي كنت أجريها في الصباح الباكر!.

كنت أتابع الحدث أو المشهد الجميل، منذ أن وطأت قدم «كيم» لكوريا الجنوبية، متوقعاً حدوث أو صدور تصرف حركي، أو لفظي، أو انقلابي، لكن الأمور مضت في رومانسيتها، وكأننا نتابع لقاء نجمين سينمائيين، أو مطربين متنافسين، أو لاعبين شهيرين،

فقد بدا الزعيم النووي بشوشاً وهاشاً في وجوه الأطفال، يربت بيده في حنان، يوزع الابتسامات ويطلق النكات في كل مكان!.

يقول «شوي هيون» وهو شاهد عيان لوكالة الأنباء الفرنسية: سمعته يقول نكتة، فأدركت أنه إنسان! وتقول الأم كيونج آه -وهذا هو اسمها- : «لطالما علمت أنه موجود.. لكني أشعر اليوم أنه شخص حقيقي وليس مجرد كرتون»!

كان من الواضح أن الجميلة «ري سل جو» زوجة الزعيم الشمالي النووي لعبت دوراً قبل وأثناء المشهد الجميل، فقد خطفت أنظار المتابعين بطلِّتها الرقيقة، بالإضافة لشقيقة زوجها «كيم يو جونج» مبعوثة الألعاب الأوليمبية التي احمرَّ وجهها خجلاً عندما قال لها الزعيم الجنوبي: أصبحت الآن شخصية مشهورة! فيما بدت «كيم جونج سوك»، زوجة رئيس كوريا الجنوبية واثقة من نفسها، ومعبرة عن سعادتها باهتمام العالم بما قام به زوجها.

ظللت أتابع المشهد وفي الذاكرة، قرارات مضحكة وأخرى مرعبة للزعيم الكوري الشمالي، بدءاً من إعدام وزير الدفاع الذي غلبه النوم لثوانٍ أثناء حفلة رسمية، نهاية بتحديد قصات الشعر للنساء المتزوجات وغير المتزوجات، وتغيير مواقيت الساعة، ومعاقبة من يتوقف عن التصفيق له أثناء الحديث، ومنع إجراء مكالمات دولية!.

تذكرت على صعيد الرعب، وأنا أتابع إنصات زعيم كوريا الشمالية لأغنية جنوبية، ذلك الضابط المصري الصغير الذي سأله الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عن اسم الأغنية التي ستشدو بها أم كلثوم الليلة! فقال بحسم وثبات: «سيادتك عمري» يا فندم! كان بالتأكيد يود ذكر اسم الأغنية الحقيقي «إنت عمري»!

تذكرت كذلك، وجوه العديد من الزعماء الذين، كانوا «يشخطون وينترون» في شعوبهم على طريقة «من أنتم» و«أنتم تستحقون ما يجري لكم».. وأولئك الذين كانوا يعتبرون الشعب كله وليس أفراداً منه «في كي جي تو»، وهؤلاء الذين كانوا يستغبونه، أو يعايرونه، أو يغيظونه، أو يسألونه عن شئ ما بحيث يستمعون له وهو يقول نعم، ثم يقولون له لا! فإن قال لا! قالوا له نعم.. يا جاهل!

تذكرت كيف هم الرئيس الصومالي الراحل محمد سياد بري بلكزي بعصاه، عندما جادلته في نظريته الخاصة بضرورة حرق جميع الصحفيين لأنهم كاذبون فيما ينقلونه عن الوضع الداخلي في بلاده!

وتذكرت كيف سيق بي للقاء الرئيس الإثيوبي منجستو هيلا مريام، والنصح بعدم محاولة مصافحته، أو التفوه بكلمة بعد بدء «الحوار»!!

في صباح اللقاء، كان الرئيس الأمريكي ترامب، يفاخر بأنه أحد أهم أسباب اللقاء، وكان الرئيس الروسي بوتين، يعرب عن سعادته، والخارجية الصينية تؤكد سعادتها، والبريطانية تعلن غبطتها، والفرنسية تعبر عن فرحها.. وكنت أضرب كفاً بكف: أليس هؤلاء الخمسة أصحاب الحظوة المسماة بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن وأصحاب «الفيتو» هم السبب في شقاء العالم كله؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store