Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

مُبلِّغاً ورحمة.. ومُبشِّراً ونذيراً

A A
بعث الله سبحانه وتعالى محمدا -صلَّى الله عليه وسلم- خير البرية ومنقذ البشرية، واختاره واصطفاه ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، وليكون مُبشِّراً ونذيراً للعالمين.. قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)، واختاره الله ليكون رحمةً للعالمين.. قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)، وقال تعالى: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)، واختاره ليكون خاتماً للأنبياء.. قال تعالى: (وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)، فالله سبحانه قد بعثه واصطفاه ليكون مُبلِّغاً لرسالة ربه، التي ضمّنها في كتابه الكريم.. قال تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)، وقال تعالى: (إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب)، وقال تعالى: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ).

ومن خلال تلك الآيات الكريمات، نستطيع القول: إن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قد أُرسِلَ مُبلِّغاً لرسالة ربه، ولم يكن مُشرِّعاً، بل بُعث ليكون مُفصِّلاً ومُبيِّناً لما نزل عليه من آيات التشريع، كما تُؤكِّد آيات التبليغ، وطاعته -صلَّى الله عليه وسلم- مرتبطة بطاعة الله، كونه -عليه الصلاة والسلام- المُبلِّغ الأمين لتلك الرسالة، حيث كان عليه تبيانها وتفصيلها للناس، فرسول الله بشر قد يُخطئ، وقد عاتبه الله -سبحانه- في بعض الأمور كما في قوله تعالى: (عبس وتولَّى)، وقوله تعالى: (يا أيها النبي لِمَ تُحرِّم ما أحل الله لك)، وقوله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وفي مواطن أخرى أيضا، وطاعته -صلَّى الله عليه وسلم- تكون في اتباع سلوكه القويم وقيمه الفاضلة، كما قال -صلَّى الله عليه وسلم-: (إنما بُعثت لأُتمِّم مكارم الأخلاق)، وكما تُبيّنه الآية في قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، ومكارم الأخلاق لا تنفصل أبداً عن تعليمات التشريع التي وردت في كتاب الله الكريم، التي يستوجب أن تمتزج بها شكلاً ومضموناً، فالله سبحانه خلقنا لعبادته وإعمار الأرض، والعبادة تكون باتباع تشريعاته، وإعمار الأرض تكون بالمعاملة بكل صورها مع البشر، والتي تتمثَّل في سلوك وقِيَم النبي محمد -صلَّى الله عليه وسلم-.

وفي جانبٍ آخر، يُخطئ مَن يقول أنه ينتسب إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، حيث إن الانتساب الفعلي لا يكون إلا عن طريق الأبناء الذكور، والرسول -صلَّى الله عليه وسلم- لم يترك له أبناء من الذكور، وهذا تُؤكِّده الآية الكريمة في قوله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)، فقد اصطفاه الله واختاره ليكون مُبلِّغاً لرسالته، ورحمةً ومُبشِّراً ونذيراً. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store