Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

من قتل «لينا» اليمنية الجنوبية؟!

إضاءة

A A
في بداية التسعينيات، كنتُ أُغادر منطقة القرن الإفريقي، بعد أن رصدت مظاهر سقوط الماركسية، لأُسجِّل انهيارها في جنوب اليمن، وتحديدًا في عدن.. والحق أنني لم أجد أفضل من قصّة الفتاة المنتحرة «لينا»، لتشرح لي ما حدث في تلك الفترة!

والذي حدث أنه في خِضَم الأحداث، ورغم صدور وثيقة التحالف بين حزب المؤتمر والحزب الاشتراكي، فقد كان ما في القلب في القلب كما يقولون!

استيقظت عدن -وأنا هناك- على خبر مقتل أو انتحار «لينا».. ولأنها ابنة قطب اشتراكي كبير؛ فقد اشتعل الموقف.. وزاد الأمر اشتعالًا في اليوم التالي مع ورود اسم الشيخ الزنداني في القضية، التي أخذت أبعادًا سياسية متعددة!

كنتُ أستقي معلوماتي قبل كل حوار مع قيادات الجنوب والشمال من الصحف ومن التجمُّعات والندوات، وجلسات ما قبل وما بعد التخزين.. لكن «لينا» استحوذت على جميع المانشيتات والجلسات؛ حتى إنني كنتُ أبدأ أي حوار برأي الضيف في حادث «لينا».

كانت «لينا» فيما يبدو، قد تخلَّصت من عبء الماركسية، واصطدمت بالسلطة الأبوية في اختيارها لرفيق حياتها! ولأنه لا بد أن يكون رفيقًا بالمفهوم الشيوعي، فقد تركت بيتها ولاذت ببيت الشيخ الزنداني بحُكم صداقتها لابنته!

في تلك الأثناء توسَّط نائب وزير العدل في محاولة لإنهاء الأزمة بحكم علاقته بوالد «لينا»، الذي كان يشغل كذلك نائب الوزير للشؤون القانونية دون جدوى.

ومن جهته حرص الزنداني علي إبلاغ عضو بارز في مجلس النواب، بأن الفتاة في بيته، خاصةً وأنه يستعد للسفر، ومن ثم لا بد من مغادرتها.. وقد كان.

غادرت الفتاة ثم عادت قبل سفر أسرة الشيخ للمبيت مع صديقتها ثم توديعها.. لكنها في الفجر عثرت على مسدس في البيت، فأخذته، وخرجت تاركة رسالة لوالديها تُؤكِّد فيها أنها ستنتحر بمحض إرادتها، خلاصًا من أزمتها معهم! وإمعانًا في نفي التهمة المتوقعة لصاحب المسدس، فقد خلعت قفَّازها تاركة بصماتها علي المسدس!

هنا أعلن الحزب الاشتراكي عبر صحيفتي «المستقبل» و«صوت العمال» أن الفتاة قُتلت ولم تنتحر.. لترد صحيفة «الصحوة» بأنها عادة الشيوعيين في تشويه الرموز وفي الانتقام!

ومع توسُّع القضية أو الفضيحة اضطر الزنداني لنشر رسالة «لينا»، مطالبًا بمحاكمة علنية؛ قبل أن يعلن والد «لينا» براءة الشيخ من دم ابنته!

لكن تصريح الأب لم يرقَ للحزب، فخرجت صحيفة تابعة لعلي ناصر محمد، لتُؤكِّد أن الأب كان عنيفًا دائمًا مع ابنته، وأنه سبق أن هدَّدها بمسدسه!

وفي المقابل رد الطرف الآخر، بأن صراع الشيوعيين قد بدأ، لافتين إلى أن والد «لينا» سبق أن حاكم أنصار لعلي ناصر؛ وأنه كذلك مرشَّح لمنصب كبير على مستوى الحزب!

هكذا وجدتُ نفسي أبدأ حواري مع الأحمر ومع الأنسي ومع الزنداني نفسه بالموقف، ليس من الماركسية، ولا من التحالف أو الوحدة، وإنما من قضية «لينا»!

وحين التقيتُ الرئيس حيدر أبوبكر العطاس قبل سنوات قليلة، لم يكن من اللائق أن أسأله عن «لينا»، ولا عن الماركسية كلها.. كان مهمومًا بشيءٍ آخر؛ وكنت كذلك.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store