Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

ما بعد انسحاب واشنطن من اتفاقية إيران

إلا أن العقوبات الاقتصادية لوحدها لا تكفي للوصول الى اتفاقية أو اتفاقيات جديدة حول القوة العسكرية النووية وغيرها لإيران وعدوانها المتواصل على الدول العربية وغيرها. فهل تسعى أميركا إلى مواجهة عسكرية مع النظام الإيراني؟..

A A
بعد أن أعلنت نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية الأخيرة، أوائل هذا الشهر مايو، هجم مرتزقة تابعون لحزب الله على تمثال للرئيس السابق، رفيق الحريري، وسط بيروت ، وحاولوا تحطيمه وغطوه بأعلام حزب الله الصفراء.. وذكرني هذا المنظر، الذي نقل على اليوتيوب، بما وقع في بغداد عندما غزا الأميركيون العراق وفتحوا الحدود لدخول الإيرانيين ومليشياتهم.. حينها هجمت الغوغاء ومرتزقة الولي الفقيه الإيراني على تمثال صدام حسين وأسقطته. ففي الحالين كان التمثال لزعيم سني وكانت الغوغاء والمرتزقة من المذهب الشيعي تابعين لحكام طهران، وكانت العاصمة عربية، والمعتدون طابوراً خامساً للدولة الفارسية .

ويثير انسحاب واشنطن من الاتفاقية النووية الإيرانية التساؤل فيما إذا كان العد التنازلي لانحسار العدوان الإيراني على الدول العربية وغيرها قد بدأ أم لا. فالنظام العالمي، وعلى رأسه أميركا، قرر غزو العراق وإلغاء دولتها وإحلال النفوذ الإيراني محل الدولة العراقية، ونفس هذا النظام أتاح لدولة الملالي الانتشار في العالم العربي، ووفر وسائل الدعم الإعلامي لنمو حزب الله الى حركة قوية داخل وخارج لبنان، ولم يقدم دعماً (حقيقياً) للعرب الذين سعوا لوقف تمدد دولة الولي الفقيه الإيرانية خارج حدودها . وليس من الواضح الآن ما يدور خلف الكواليس من مشاورات واقتراحات فيما بين الإدارة الأميركية ومختلف الأطراف الأخرى، مثل روسيا والصين وأوربا، وكذلك إيران .

وستؤدي العقوبات الاقتصادية الأميركية الى آلام موجعة للاقتصاد الإيراني، ولن تتمكن أوربا، حتى وإن أرادت، مواصلة تعاملها التجاري مع طهران نظراً لأن ارتباط الغالب الأعم من التعاملات الدولية بالدولار الأميركي، يجعل الخزانة الأميركية، التي تنظم فرض العقوبات، خصماً وحكماً في هذا الأمر، ويمكنها من إيقاع عقوبات قاسية على من لا يلتزم بما تفرضه من عقوبات اقتصادية وتتعدى هذه العقوبات الغرامات المالية لتصل الى السجن لمدراء الشركات والبنوك غير الأميركية التي لا تتقيد بالأنظمة المفروضة على التعامل مع إيران، وتتيح القوانين الأميركية اعتقال وجلب أي شخص في أي مكان من العالم طالما استخدم النظام المالي الأميركي (أعضاء الفيفا كمثال ألقي القبض عليهم في سويسرا وتم ترحيلهم لأميركا وسجنهم هناك لا لتعاملات قاموا بها داخل أميركا وإنما لمجرد استخدامهم حسابات في بنوك أميركية).

إلا أن العقوبات الاقتصادية لوحدها لا تكفي للوصول الى اتفاقية أو اتفاقيات جديدة حول القوة العسكرية النووية وغيرها لإيران وعدوانها المتواصل على الدول العربية وغيرها. فهل تسعى أميركا الى مواجهة عسكرية مع النظام الإيراني؟

.. ومن المعروف أن بعض أعضاء الإدارة الأميركية الحالية وعلى رأسهم جون بولتون، مستشار الأمن القومي، يرون الحل العسكري الخيار الأفضل، وكان قد عبر عن ذلك لصحيفة أميركية عام 2015 بالقول: «إن الحل العسكري يمكنه تحقيق المطلوب». وفي المقابل فإنه بالرغم من الصوت العالي في تصريحات دونالد ترمب، منذ وصوله للرئاسة قبل حوالي سنة ونصف، إلا أنه لم يتعد في إدانته للأنشطة الإيرانية خارج حدودها العبارات القاسية. وعندما سئل الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية، في الكونجرس عن سوريا قال إنه لم يتلقَّ أي أوامر بمواجهة إيران في سوريا.

ورغماً عن أن إدارة دونالد ترمب تعمل منفردة في هذا الأمر، كما يبدو للمراقب من بعيد، إلا أن الأجهزة الأميركية التي تعمل على تنفيذ قرارات البيت الأبيض وترجمتها إلى أفعال جزء من نظام عالمي تديره إدارات تنفيذية اتفق السياسيون في أوربا وأميركا، من سنين طويلة، على إتاحة الفرصة لها لإدارة الأحداث في العالم لمصلحة نظام عالمي أقيم بعد الحرب العالمية الثانية، ويتم الآن ترميم بنيانه وتعديل بعض أساليبه، وبالتالي فإن المطلوب الخروج بتصور واضح حول الطريقة التي سيتم بها وقف النظام المذهبي الإيراني عن التمدد وإعادته الى القمقم الذي جرى إخراجه منه في الأيام الأخيرة لانهيار نظام الشاه في إيران. ومن المهم أن تقوم دول الخليج بدور فعال في تطبيق العقوبات وتوجيه دفة الحوار بصياغة نظام يحمي المنطقة والمشاركة في تنفيذ ما يتفق عليه لأن الأمر هو في مصلحتها وحماية وطنها ومواطنيها من عدوان جاد مهووس بمزيج من طائفيته وأمجاد وثنية فارس.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store