Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

لله ثم للوطن

A A
لم يصدمني خبر إيقاف فهد المرداسي، أبرز حكم كرة قدم سعودي في الوقت الحاضر، بتُهمة الفساد، وقديمًا قال غازي القصيبي، يرحمه الله، أنّ مجتمعنا ليس ملائكيًا، وهو صادق، وكما يحصل فساد تحكيمي حول العالم، حتّى في أكثر الدول انضباطًا في كرة القدم، يمكن حصوله عندنا، ما المانع؟!.

غير أنه لا بُدّ عليّ، ولله ثمّ للوطن، وليس دفاعًا عن المرداسي ولا عن غيره من الحُكّام، أن أدعو بصفة عامّة ألّا يضطرّنا بُغْض الفساد على أن نسعى لمعاقبة الفاسدين فقط، ولا نتطرّق لمعالجة الأسباب المُحتملة وراء نشوء فسادهم، وتنظيف البيئة الخصبة التي كانت خير مُعِين للفساد!.

ومثلما سألني أحدهم عن أهم أسباب حصول الفساد في القطاع الهندسي إذا حصل، ومثلما أجبته أنّ تواضع الحوافز المادية للمهندس السعودي، وعمله في مشروعات مليارية، وبحوزته سُلْطة اعتماد مستخلصات المقاولين المالية الضخمة، لا بُدّ أن ينتج عنه صراع نفسي بين الفساد والنزاهة بحكم الطبع البشري الذي لا يمكن إغفاله، وقد ينتصر الفساد على النزاهة ولو في حالات قليلة، فهل نُلقي باللوم على المهندس وحده ونعاقبه؟ إن فعلنا ذلك فهذا مطلوب وحسن، وإن نظرنا بشمولية للمشكلة وحلّيْناها من جميع أطرافها بهدف الوقاية لا العلاج، ومنها تحسين حوافز المهندس كي لا يفكّر بالفساد، فهذا أكثر مطلوبية وأحسن!.

وكذلك الحال بالنسبة لحكم الكرة السعودي، هل يا تُرى حوافزه المادية واحترافه مقبولان؟ وهو يجري في الملاعب أكثر من اللاعبين الذين يراهم يتقاضون الملايين، وبعضهم لا يستحقّ ملاليم، بينما مكافأته تُعتبر رمزية مقارنة بهم، وأضحى الحكم الأجنبي موضع ثقة أكثر منه، وقد يشعر بما قد يشعر به المهندس، فإن غلب الطبع البشري الفاسد حصل ما لا يُحمد عقباه، وهذا ليس تبريرًا للفساد، ولا دفاعًا عن أحد، صدّقوني، بل محاولة لتغليبنا للحلّ الشامل على الاجتزاء الذي دائمًا ما يكون قاصرًا، ويُوردنا إلى صميم المشكلات!.

لماذا لا ننصر الحكم السعودي ظالمًا أو مظلومًا؟ بردعه عن ظُلْمِهِ إن ظَلَمَ وقبل ذلك بالوقوف معه إن ظُلِمَ، سواء بسواء.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store