Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

تكريس فلسفة التفتيت باعتبار الوحدة.. نقمة!

A A
في فلسفة تفتيت الأوطان كتب ومجلدات ورموز وشخصيات إن صادفوك قد يقنعونك بأن التفتيت نعمة والوحدة نقمة!

والواضح أنه كلما أوغلت معهم أو أوغلوا معك في حديث الانفصال، ستكتشف أن الأوطان إنما خلقت لا لتلتئم وتنطلق في العمل والازدهار، وإنما كي تتفتت وتنفصل كي تتمكن من تفجير الطاقات!

وبموازاة الترويج لنعمة التفتيت، تجتهد الأوطان المستقرة أو التي كانت كذلك في ممارسة كل ألوان الاستفزاز والقهر والغباء والاستبداد، بحيث تزداد وتنتعش بيئة الانفصال؛ وبما يسمح لفلاسفة التفتيت والتقسيم بتأليف المزيد من الكتب والمجلدات.

ومع ازدياد حمى الانفصال تضطرب أجساد الأوطان ويصيبها الهزال؛ قبل أن يتوسط الأطباء الذين هم تجار وسماسرة في أغلب الأحوال.

ولكي يتم العلاج لابد من البتر؛ أو كما يقول المثل الشعبي «شيل دا من دا يرتاح دا من دا» والمعنى فلنجرب الانفصال حتى يرتاح الطرفان!

وعلى مدار المفاوضات التي تستهلك أو تستنزف أو تستغرق سنين؛ ومع تصاعد المناوشات يكثر الحديث عن فضائل الانفصال في منع الانهيار؛ ودغدغة مشاعر الشعوب التواقة للإبداع والاستقرار؛ وتصبح الساحة ممهدة للانتخابات أو التصويت على الانفصال الذي يأتي غالبًا في صالح التفتيت!

في المنطقة العربية كنت شاهدًا ومسجلاً لثلاث تجارب مضنية.. الأولى في السودان؛ حيث استمعت من فلاسفة الانفصال ما يوحي بأن دولة جنوب السودان المنتظرة ستكون واحة للديمقراطية والحرية والاستقرار والازدهار والسلام.. فما الذي جرى ويجري لها الآن!

المؤسف أن التجربة الفاشلة مازلت ملهمة لفلاسفة التقسيم في دارفور والنوبة والنيل الأزرق وغيرها من ولايات السودان.

وفي الصومال؛ كنت حاضرًا وشاهدًا كذلك على بدء تكوين «أرض الصومال» تلك المنطقة الساحرة المطلة من بعيد على شاطئ أو محيط عدن؛ والتي تتمسك بأن يكون شعارها هو شعار التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وبمناسبة عدن؛ كنت راصدًا من هناك فشل الانفصال والعودة للوحدة قبل فشل الأخيرة وعودة رياح الانفصال؛ قبل أن تتمزق أوصال الوطن وتسمح بظهور بكتيريا أو طفيليات الحوثيين المهددة للشمال والجنوب وللأمة العربية كلها.

أتذكر جيدًا من فلاسفة التقسيم في السودان ياسر عرمان ودينق ألور وريك مشار الذين كانوا يتسابقون أمامي في شرح جمال وروعة وجنة الانفصال!

ومن فلاسفة التقسيم في الصومال أتذكر رئيس صومالي لاند السابق أحمد سيلانيو والحالي موسى بيجي الذي خدم مع الرئيس سياد بري؛ وعزو الذي كان سفيرًا لدى الاتحاد السوفيتي السابق وروابي الذي كان وزيرًا للأشغال العامة.

وبكل أسى وشجن أتذكر حكماء وفلاسفة الفيدرالية في اليمن ومنهم الرئيس السابق حيدر عطاس؛ والشيخ عبدالرحمن الجفري.. وكلاهما يؤمنان بأن قوة اليمن في وحدته.. ولكي تتم الوحدة الحقيقية لابد من الانفصال.. لماذا وكيف؟ تلك قصة أخرى.

المأساة أو الملهاة أن دعوات تفتيت الأوطان لدويلات آخذة في الانتشار؛ تغذيها دول استعمارية تقليدية.. آثرت عدم اللجوء للاستعمار المباشر؛ فاكتفت وتكتفي الآن ببيع السلاح وتفخيخ المواقف السياسية؛ بحيث يتولى أبناء الأمة كامل المسؤولية!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store