Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

أزمة العقل الإسلامي في نوبل!

A A
اهتم العرب والمسلمون قديمًا بالعلوم الحياتية كاهتمامهم بالعلوم الشرعية انطلاقًا من الدعوة الصريحة التي يُوجِّهها الكِتَاب الكريم إلى العلم والمعرفة عن طريق تفعيل الحواس المرتبطة بالعقل لدى الفرد المسلم، فكانت الحضارة الإسلامية خليطًا بين العقل والشريعة والمنطق، وبذلك تميَّزت عن باقي الحضارات الأخرى، هذا الانفتاح أدى إلى بروز علماء مسلمين كالخوارزمي، وابن رشد، والرازي، وابن سينا، وابن حيان، والحسن بن الهيثم، وغيرهم كثير، وكان الواحد منهم عالمًا موسوعيًّا له إسهامات في أكثر من فرع واحد من العلوم. فالخوارزمي -على سبيل المثال- كان خبيرًا في الجبر والرياضيات وعلم الفلك، إضافةً إلى الجغرافيا، وابن رشد كان متميِّزًا في علم الفلك والطب والفلسفة والحساب. من أجل ذلك استفادت من علمهم وأبحاثهم واكتشافاتهم البشرية إلى وقتنا الحاضر، وهذا ما يُقرِّره المنصفون من الباحثين الغربيين أنَّ ما يشهده الغرب اليوم من تقدُّم وازدهار سببه حضارة الإسلام وعلماؤها، الذين مازالت كُتبهم تُترجم إلى اللغات الأخرى، إضافةً إلى ابتكارهم الأسلوب التجريبي في تناول القضايا العلمية من حولهم الذي أثمر بناء قواعد أساسية للمنهج العلمي ما زال العالم يسير عليه إلى الآن. ومن المؤسف أننا في هذا الزمن نجد ندرة إسهامات العلماء المسلمين في علوم الحياة على وجه التحديد مقارنةً بما كان عليه الوضع في السابق، على الرغم من أنهم يُمثِّلون حوالي ربع سكان الكرة الأرضية، لكننا نجد قوائم العلماء الحاصلين على جوائز عالمية خلوًا من العلماء المسلمين -فعلى سبيل المثال- جائزة نوبل العالمية التي بدأت في العام 1901م ومنحت أكثر من 834 جائزة حتى عام 2015م، بفروعها الستة (الطب والفيزياء والكيمياء والأدب والاقتصاد إضافة للسلام)، نجد، أن الدول الغربية حصدت أكبر عدد من جوائز نوبل وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي احتلت المرتبة الأولى في التصنيف العالمي لأكثر الدول حصولاً على جوائز نوبل بمجموع 346 جائزة، منها 94 جائزة فقط في مجال الطب، تليها بريطانيا بعدد 117 جائزة، منها 29 في مجال الطب، فألمانيا وفرنسا بعدد 71، 64 جائزة على الترتيب. في حين كان نصيب الدول الإسلامية مجتمعة 12 جائزة فقط على مدار أكثر من مائة عام، منها 8 جوائز في فرع السلام العالمي، أي ما نسبته 1 في المائة من مجمل الحاصلين على جوائز نوبل في فروعها المختلفة. والسؤال هنا لو كانت جائزة نوبل تُمنح في زمن ازدهار الحضارة الإسلامية، فهل كان نصيب العلماء المسلمين سيظل كما هو عليه الآن؟.. أترك الجواب للقارئ الكريم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store