Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

زواج المجنون والمعتوه في مدونات الأحوال الشخصية (1)

A A
إنّ حادثة نحر أب لبناته الثلاث في مكة المكرّمة، وكثيرا من الحوادث المماثلة لها أو الشبيهة بها، تدعونا للتوقف عند زواج المجانين والمعتوهين والمرضى النفسيين ومدمني المخدرات، ونَأْمُل أنْ يُراجع الفقهاء المعاصرون وواضعو مدوّنات الأحوال الشخصية إباحة زواج المجنون والمعتوه، فرغم عدم وجود نص من القرآن والسنة يُبيح هذا الزواج، ورغم تعارضه مع أحكام الزواج والأسرة في الإسلام، وكذلك تعارضه مع أهلية الزواج في مدوّنات الأحوال الشخصية في البلاد العربية وفي كُتب الفقه، إلّا أنّنا نجد العديد من الفقهاء أباحوا هذا الزواج، ولقد تتبعتُ مدوّنات الأحوال الشخصية العربية، فوجدتُها خصّصت مواد لزواج المجنون والمعتوه باستثناء قانون الأحوال الشخصية المصري، ومجلة الأحوال الشخصية التونسية، وقانون الأحوال الجزائري والموريتاني لم تتطرق إليه.

هذا وعند مقارنتنا نصوص مواد إجازة هذا الزواج، وجدتُها تكاد تكون واحدة، وكما يبدو أنّها منقولة من مصدرٍ واحد، وهنا أسأل: هل مطلوب منّا أن نلتزم برأي شخص عاش قبل أكثر من ألف عام، ونُقنِّنه في عصرنا الحاضر؟

.. فعند بحثنا عن مواد زواج المجنون والمعتوه في مدوّنات الأحوال الشخصية نجد الآتي:

تقاربًا كبيرًا وتشابهًا في شروط زواج المجنون والمعتوه، في المادة (7) في نظام الأحوال الشخصية لدول مجلس التعاون (وثيقة مسقط) والمادة 28 من قانون الأحوال الإماراتي، والمادة التاسعة من قانون الأحوال البحريني، والمادة الثامنة من قانون الأحوال العُماني، والمادة (24) في قانون الأحوال الكويتي والمادة (15) من قانون الأسرة القطري، وقانون الأحوال السوري، والمادة (12) من قانون الأحوال الأردني، والمادة (40) من مدونة الأحوال الشخصية السودانية، فقد جاء في المادة (28) من وثيقة مسقط، هذا النص:

لا يعقد زواج المجنون أو المعتوه إلا بعد توفر الشروط التالية:

1- قبول الطرف الآخر التزوج منه بعد اطلاعه على حالته.

2- كون مرضه لا ينتقل منه إلى نسله.

3- كون زواجه فيه مصلحة لـه.

ويتم التثبُّت من الشرطين الأخيرين بتقرير لجنة من ذوي الاختصــاص.

وهذه المادة تتناقض مع الفقرة (1) من المادة (30) من قانون الأحوال الإماراتي، والتي تنص على: «تكتمل أهلية الزواج بالعقل والبلوغ وسن البلوغ تمام الثامنة عشرة من العمر لمن لم يبلغ شرعاً قبل ذلك». ومن مادة (7) من قانون الأحوال العُماني: «تكمل أهلية الزواج بالعقل، وإتمام (18) من العمر، ويتناقض مع المادة (14) من قانون الأسرة القطري التي تشترط في أهلية الزواج العقل والبلوغ. والمادة (23) من مدونة الأسرة المغربية، والتي تتناقض مع المادة (19) التي تنص على: «تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثماني عشرة سنة شمسية». كما نجد هذه المادة لا تختلف عن المادة (8) من قانون الأحوال الشخصية الفلسطيني، والمادة (6) من قانون حقوق العائلة التي تنص على: «لا يجوز نكاح المجنون والمجنونة إذا لم يكن مبنيًا على ضرورة، وإذا وجدت ضرورة يعقد الولي النكاح بإذن الحاكم».. والمادة (7) من قانون الأحوال العراقي، مع أنّه اﺸﺘﺮﻁ ﻓﻲ ﺗﻤﺎﻡ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺇﻛﻤﺎﻝ الثامنة عشرة.. والمادة (6) من قانون حقوق العائلة اللبناني: «لا يجوز نكاح المجنون والمجنونة إذا لم يكن مبنيًا على ضرورة، وإذا وُجدت ضرورة، يعقد الولي النكاح بإذن الحاكم».

أمّا قانون الأحوال الشخصية الموريتاني، فلم يتحدّث عن زواج المجنون والمعتوه، وإنّما عن زواج ناقصي الأهلية، فجاء في المادة (6): «تكمل أهلية الزواج بالعقل وإتمام الثماني عشرة من العمر، ويصح لولي ناقص الأهلية أن يُزوّجه إذا رأى مصلحة راجحة في ذلك».

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل زواج المجنون والمعتوه يتفق مع أحكام الزواج والأسرة في الإسلام؟.

للحديث صلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store