Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

مع اعتذاري للبقدونس!!

A A
في نهار رمضاني حار، تكاد درجة حرارته تصل لـ٤٠ درجة مئوية، شَهِدْتُ مضاربة في حلقة الخضروات والفواكه بين اثنيْن من العُمّال الوافدين من الجنسية البنغلاديشية.!

واشتعل فتيل المضاربة عندما كنتُ أفاوض العامل الأول على سعر حِزْمة كبيرة من البقدونس، وكادت صفقة الـ٤ ريالات أن تَتِمّ لولا تدخّل العامل الثاني من «البسطة» المجاورة المنافسة لـ»بسطة» الأول، وقوله لي إنّ الحِزمة مرشوشة بالماء لإخفاء قِدَمِها، ونصيحته لي بأن أشتري بقدونساً غير مرشوش بالماء، وبالطبع يقصد منه لا من الأول!.

فما كان من الأوّل إلّا أن انتفخت أوداجُه، واحمرّت عيناه، وبدأ في شتْم الثاني بما تيسّر من مُفردات بعضها عربي، وبعضها بنغلاديشي، وبعضها خليط من اللغتين!.

أمّا الثاني فبادل الأول سريعاً بالشتائم، صاعيْن مقابل كلّ صاع، ثمّ صمتت الألسنة وفسحت المجال للأيدي والأرجل والرؤوس بأن تتحدّث باللكمات والرفسات والنطحات، وسط خوفي من نيْلي لبعض اللكمات والرفسات والنطحات ولو بالخطأ، فآثرْتُ الانسحاب التكتيكي مثل انسحاب الجيوش المُوشِكة على الهزيمة في الحروب، وعدم الانحياز لأيٍّ منهما، فالانحياز عاقبته خطيرة، والحياد سبيل السلامة، حتّى توسّط أهلُ الخير من عُمّال الحلقة الآخرين لإصلاح ذات البين!.

وهنا دعوني أخبركم بجنسيات الذين توسّطوا للإصلاح: وافد مصري، ويمني، وسوداني، وباكستاني، وهندي، جزاهم الله خيراً على مبادرتهم الإصلاحية خير الجزاء، أمّا المواطن السعودي فهو زبون وزبون فقط، وليس هذا تعنصراً، ولكنّي أسأل: أين المواطن السعودي عن مهن الحلقة المُحتكرة بنسبة ١٠٠٪ من الوافدين؟ لماذا يغيب عنها؟ هل يأنف من العمل فيها كما يُقال؟ أو أنّ الوافدين يُضايقونه كما يُقال أيضاً وسط تفرّج الجهات المعنية، فترك لهم الجمل بما حمل؟ كم أتمنّى رؤيته يبيع ويشتري فيها، بل حتّى يمكن للمرأة المُواطِنة السعودية العمل في الحلقة فيما لو جُهِّزت لتناسبها، كما كان يحصل في الماضي في بعض مناطق المملكة مثل منطقة عسير، وليس عندي مانع حينها أن أشتري من البائع السعودي والبائعة السعودية بقدونس مرشوش أو غير مرشوش بالماء، لا فرق، فالتوطين هو الأهم، مع اعتذاري وحُبّي للبقدونس!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store