Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

حاكم أفكارك!!

A A
• الأفكار هي أخطر ما في هذا الكون.. هي من تصنع الأيديولوجيات.. المناهج.. القوة.. العلوم.. الازدهار الإنساني.. وهي من تصنع الحروب والكوارث أيضاً!. والإنسان صنيعة أفكاره؛ فإما أن يتطور مع تطور كل شيء في هذا الكوكب، أو أن يتجمد ويتخشب؛ ساجناً نفسه في أفكار لا يحاول حتى فحصها وحوكمتها وتبيان صحتها!. هؤلاء ينأون بأنفسهم عن السنن الكونية من خلال إلغاء خاصية التحكم في مستودعات أفكارهم، في الوقت الذي يُطوّر فيه الآخرون الأدوات العقلية التي تشعل مصابيح النجاح والسعادة والقوة في دواخلهم.

• يعتقد البعض أن الحظ والظروف هي القوى الصانعة للنجاح، هذا قد يكون صحيحاً، لكن الأكثر صحة هو أن الإنسان حتى وإن لم يكن بإمكانه تغيير حظه وظروفه الخاصة، إلا أن اختياره لأفكاره والاهتمام بها يمكن أن يغير واقعه بقوة.. لهذا يشير خبراء التنمية إلى أهمية أن تكون سيد أفكارك، لا أن تكون هي من تتحكم بك!. يقول (جيمس آلن) في كتاب (كما يُفكِّر الإنسان): «بنفس الطريقة التي يحافظ بها البستاني على حديقته؛ ينظمها ويبعد عنها الأعشاب الضارة، ويزرع فيها الزهور التي يريدها، يمكن للإنسان تهذيب حديقة أفكاره، واستبدال الخاطئ منها بالأفكار الجديدة والخلاقة».

• إن الإحساس الواثق للعقل بامتلاك الحقيقة المطلقة، والميل لتخطئة الطرف الآخر، بدلاً من وضع آرائنا ومعتقداتنا موضع الشك والتساؤل والتحليل والمحاكمة، واحد من أخطر علل المجتمعات قليلة الوعي، ذلك أن العقل -كما يقولون- يحتله الأسبق وليس الأصوب بالضرورة، لهذا قد يكون العقل (غير المنسق) وبالاً على صاحبه، حين يصوّر له أن ما يراه هو الحقيقة الكاملة والوحيدة، بينما الحق أن ما يراه هو نسخته الخاصة من الحقيقة التي بناها عقله اعتماداً على التعليم والإعلام والمجتمع والثقافة في مجتمعه المحلي، والتي تختلف بالتأكيد عن ثقافة غيره.

• عقلك مسؤوليتك وحدك، تجرّد؛ وحاكم أفكارك كلما أتيحت لك الفرصة.. صوّبها وكُن شجاعاً في التراجع عن الخاطئ منها.. هذا ليس انهزاماً ولا تراجعاً مهيناً، فالعلم يعلن كل يوم تراجعه وتبرؤه من معلومة كانت تعتبر ضمن الحقائق الثابتة.. هذه طبيعة عالمنا اليوم.. حدائق عقلك لن تنمو وتزدهر إلا حين تسمح لها أنت بذلك. جدد مُحرِّكات عقلك ووجهها الوجهة الصحيحة، خلصها من خشاش الأفكار.. اقرأ واطّلع بشجاعة؛ وبمنطق الباحث عن الحق؛ المستعد لقبوله، لا الباحث عن تأكيد رأيه وتعزيز أفكاره القديمة.

• حاكم أفكارك قبل أن تحاكم الآخرين؛ فليس بالضرورة أن يكون كل ما تعتقده وتقوله هو الصواب، وما يقوله غيرك يقع على رصيف الخطأ.. واحذر أن تتحول إلى قطعة خشب باردة في أنهار الحياة المتجددة، أو أن تكون الثابت الوحيد في عالم يتغيَّر كل شيء فيه بسرعة الضوء.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store