Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

الإعلام وسيلة والثقافة جوهر

ومثل ما هو الإعلام وسيلة تعبر عن رؤى وإستراتيجيات وتعكس ديناميكية حياة المجتمعات فإن الثقافة مرآة المجتمعات التي تلاحقها وتبقى محفورة في الذاكرة، ولهذا يصح القول بأنها جوهر الحياة في كل زمان ومكان

A A
الإعلام محرك رئيسي وناقل لكل شؤون المجتمع في الداخل والخارج، وبقدر ما يكون الإعلام متقدماً ومواكباً للتطورات التي تجري على الساحة المحلية والدولية بقدر ما يكون التمثيل لوجهات النظر قريباً من الواقع لخدمة الأهداف الرئيسية للدولة والمجتمع. وفي عالم التقنية الحديثة التى جعلت الخبر الآني يصل إلى كل مكان في العالم بسرعة الضوء أصبح السبق من يصنع الفرق في نقل المعلومة والتأثير على المتلقي المستهدف، ويشمل ذلك السلبيات والإيجابيات بوسائط «السوشال ميديا» التي أصبحت في متناول عامة الناس كل حسب إمكاناته، وأصبح البث وإعادة النشر السريع للأخبار والشائعات -الحسن منها والسيىء- يتخطى حدود وسائل الإعلام الرسمية في معظم الحالات.
الثقافة مفهوم عميق وشامل يتعلق بمكونات المجتمعات وتطورها وإبداعاتها وإخفاقاتها ونتاج وإنجازات تبقى رصيدًا موثقًا تتوارثه الأجيال، تهذبها وتزيد عليها بما يعكس تطورات عصرها وإنجازاتها الحضارية، ومثل ما هو الإعلام وسيلة تعبر عن رؤى وإستراتيجيات وتعكس ديناميكية حياة المجتمعات فإن الثقافة مرآة المجتمعات التي تلاحقها وتبقى محفورة في الذاكرة، ولهذا يصح القول بأنها جوهر الحياة في كل زمان ومكان، مادتها الفنون بكل أنواعها وأشكالها وألوانها التي تعبر عن ذوق ورقي صانعها ومتذوقها بالنظر والسمع، وهي التي تشكل وترسم آثار الإنسان وتطلعاته وتعبر عن رغباته وتجلياته في حالة الرضا والغضب والفرح والحزن بالموسيقى والنحت والرسم والكتابة والحركة والسكون، ولأنها ليست عابرة لحظية فقد حَسُن اختيار وضعها تحت مظلة وزارة مستقلة تُعنى بها وتنمي التعامل معها بالسرعة والوتيرة التي يتطلبها الموقف واللحظة الزمنية التي تعبر الثقافة عنها، فهي تعبر عن ذائقة النقد وحساسية السمع وحدة البصر ونفاذ البصيرة لسبر أغوار المعاني والاستنتاجات والتأويلات للشكل والصورة والصوت في البعد الزمني والحيز الجغرافي والسياق الفكري للمراحل التي تشكلت الثقافة والفنون فيها بواسطة سعة الاطلاع والمشاركة والمعايشة المتواصلة بين أجيال المجتمع ونمو وتراكم تراثه الفكري ومشاركاته الإنسانية في صنع حضارته.وفي الجانب الآخر فإن الإعلام معْبرعابر عن الثقافة والفنون لحضارة المجتمعات ولكل منهم اختصاصاته فلا تنافس في صياغة تطلعات المجتمع ولكنه تكامل لإبراز مميزات ما هو أحسن وأفضل وأصوب في حياة المجتمعات. والبرامج الثقافية ينبغي أن تكون من يفرز ويفرق بين ما يطرح على الساحة الثقافية والابتعاد عن التصادم المضر بحياة المجتمع والعمل على التوفيق بين الحفاظ على الثوابت وبين مميزات الفكر الوافد اللازمة لمواكبة تطورات العصر وثقافاته. والمجتمع العربي له تجارب مع ثقافات وحضارات الغير منذ عهد الفتوحات الإسلامية في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين والتابعين في كل الحالات تم استيعاب البعض من ثقافة الآخر من خلال الترجمة والانصهار المتبادل. والمرحلة الحالية التي تقف المملكة العربية السعودية على أعتابها يُتوقع منها مد جسور مع الثقافات الأخرى في إطار تبادل المصالح والتخفيف من حدة التوتر والتصادم بين ثقافتنا وثقافات الغير. إن وثبة التقدم التي نعيشها في الوقت الراهن بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين تتطلب العناية بالثقافة لتكون مواكبة لمستجدات العصر التي تسير بسرعة تفوق الخيال، ومع ذلك يظل الانتقاء والفرز عاملين هامين للحفاظ على الثوابت وتعزيز الهوية الوطنية بكل متطلباتها الدينية واللغوية والثقافية في عصر الثقافة المعلوماتية الرقمية السائدة في عالم المعرفة في العصر الحالي وما بعده.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store