Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الكابوس الروسي.. أسباب وعلاج

الكابوس الروسي.. أسباب وعلاج

A A
لم نستوعب بعد الخسارة القاسية التي مُني بها المنتخب من نظيره الروسي في افتتاح مونديال 2018 بموسكو، حقيقة بالعودة إلى شريط المباراة التي مرّت بنا كالكابوس المحزن، الذي لم نفق منه إلى الآن، نجد أن هناك جملة أخطاء ارتكبها المنتخب الوطني أدت إلى هذه الخسارة الثقيلة التي بالتأكيد لم تأت من فراغ، ولم تكن انعكاسًا أو ترجمة للإعداد القوي الذي مرّ به المنتخب.

اللاعبون الذين ظهروا في مباراة ألمانيا -وهي تجريبية وتختلف عن الرسمية- دخلوا فاقدين الثقة أمام روسيا، متخوفين، مهزوزين، لا شجاعة ولا روح ولا حماس ولا استشعار بالمسؤولية، وكل هذه الأمور وضعتهم في موقف ضعيف جدًا، وزاد السوء الهدف المبكر الذي عزز الإرباك، وقبل نهاية الشوط جاء الهدف الثاني ليكمل الناقص.

الحارس والأطراف

لا نريد أن نحمّل لاعبين بعينهم المسؤولية بشكل فردي، لكن هناك من ساهم في الخسارة بشكل مباشر، مثل الحارس عبدالله المعيوف الذي قدم مستوى ضعيفًا جدًا، واختياره من البداية كان على أساس إجادته بدء الهجمة، وهذا ليس له معنى طالما لم يقم بدوره الأساسي، وهو حماية مرماه، وإلى جانبه المدافع عمر هوساوي الذي كان مرتبكًا للغاية وظهر بمستوى باهت، وهو أمر اعتدناه من عمر بأن يلعب عدة مباريات بشكل جيد ثم يتراجع بشدة.

الأمر الواضح أيضًا أن لاعبي الأطراف لم يقوموا بأدوارهم الدفاعية كما يجب، وهم لا يسألون عن ذلك بمفردهم، لأنهم لم يجدوا مساندة من خط الوسط، وبالتالي ظهر الطرفان مكشوفين، ومنهما جاء أكثر من هدف، فلا يحيى الشهري ساند البريك، ولا سالم الدوسري دعم الشهراني.

نعرف أن منتخبنا يعاني من مشكلة العرضيات، كما أن هناك فارقًا بدنيًا شاسعًا مع الخصم الروسي، ولذلك كان من المفترض أن يغطّي لاعب الطرف مع الظهير ويمنع الخصم من إرسال الكرات العرضية.

أخطاء بيتزي

أيضًا لا يمكن إعفاء بيتزي من المسؤولية عن هذه النتيجة الكبيرة، فقد ارتكب جملة أخطاء في المباراة، ولا سيما عندما سحب لاعب الارتكاز الوحيد عبدالله عطيف، حينما كانت النتيجة تقدم روسيا بهدفين، فهل كنت تبحث عن التعادل؟ المنتخب الروسي أنهى المباراة نظريًا بتقدمه 2-0 ويلعب على أرضه وبين جماهيره، وكان الأحرى بالمدرب أن يدخل عبدالملك الخيبري، ويغلق مناطقه الخلفية، ويحافظ على هيبة المنتخب، لا أن يفتح خطوطه لتنتهي المباراة بهذه الفضيحة الكوارثية التي حلت بالكرة السعودية.

كما أن بيتزي لعب برأسي حربة، وهو ما لم يعمل به طوال فترة التحضير، وهذه مشكلة كبيرة، فإذا خضت 9 مباريات ودية ولم تلعب في أي منها برأسي حربة، وتأتي في هذه المباراة المصيرية وتلعب بهذه الطريقة؟ ينبغي أن نكون واضحين وصريحين بأنه أخطأ في هذه الجوانب، ويجب أن يناقش فيها، لأن سمعتنا الكروية تضررت بهذه الخسارة المذلة، صحيح أنه في كرة القدم كل شيء وارد، لكن اتضح لأي شخص يتابع المباراة أن المنتخب السعودي بدائي للغاية، رغم أن لديه أكثر بكثير مما شاهدنا، وأعني ذلك تمامًا، ولا أقارن بمباراة ألمانيا لأنها ودية، ولا نحتكم لها حتى لا نقع في الخطأ، بالعكس فهي خدعتنا لأنها جعلت الفريق يندفع للهجوم أمام روسيا بينما كان المفترض أن تمنحنا الثقة.

وإذا كان المنتخب السعودي يعاني من العرضيات، فكان من الأولى على بيتزي تغطية الأطراف بشكل كامل، ليمنع اللاعبين من العرضيات المريحة جدًا والتي كانت ترفع بالمقاس على رأس منطقة الـ6 بشكل يمنع الحارس من التقاطها، وهذه كانت غلطة أخرى، إضافة إلى عدم منح المنتخب الروسي حقه، فهو أكثر خبرة وتمرسًا من المنتخب السعودي.

توظيف فهد وطريقة اللعب

أريد أن أعرج على غياب نواف العابد أيضًا، فعلى سبيل المثال الاتحاد الألماني رفض مشاركة نوير خلال بطولة دوري أبطال أوروبا، رغم أن البطولة الأوروبية للأندية تعني الكثير لبايرن وألمانيا، وبالتالي كان جاهزًا للعب في المونديال، بعكس نواف العابد الذي اكتفى اتحاد الكرة بمجرد طلبات من الهلال بأن يجري له عملية، وكان يفترض أن يصدر اتحاد الكرة قرارًا بمنع اللاعب من المشاركة، لكن مشكلتنا الآن ليست نواف العابد تحديدًا، فطريقة لعب المنتخب السعودي بالبينيات القصيرة المعرضة للانقطاع، ومن ثم قبول المرتدات الخطيرة، مشكلة، فكان يجب أن يكون هناك نوع من اللعب الطويل على الأطراف، حتى نستفيد من إمكانيات لاعب مثل فهد المولد، الذي لم يجد أي فرصة لإظهار ما يملكه عندما دخل بالشوط الثاني، وبأمانة كان توظيفه مع مارفيك ممتازًا، أما مع بيتزي فهو غير مفيد، لأن فهد لاعب طرف ولا ينبغي أن يتم تسليمه الكرة في قدمه ليذهب بها إلى المرمى، فهذا يفقده خطورته، وإذا أردنا أن يكون فهد ورقة إيجابية للمنتخب السعودي، يجب أن تمنح الكرة له خلف المدافع، حتى ينطلق ويصنع الخطورة.

تفكك الخطوط

أيضًا المنتخب لديه مشكلة كبيرة في كونه لا يتحرك ككتلة واحدة مثل بقية المنتخبات التي تهاجم وتدافع بشكل جماعي، فكنا نجد الروس عندما يتقدمون بالكرة يكون أمامهم ثنائي قلب الدفاع فقط، وهذا غير منطقي ولا مقبول ويظهرنا بشكل ضعيف جدًا في المونديال، وكذلك الحال في الهجوم لدرجة أن المنتخب لم يلمس الكرة سوى 3 مرات فقط في الشوط الأول، كما جاء في تقارير الوكالات، وفي الشوط الثاني لم يتسلم فهد المولد أي كرة في مساحة يمكنه أن يصنع منها الخطورة.



المطلوب

ليس أمامنا سوى لملمة الأوراق ومداواة الجراح وتضميدها وتهيئة اللاعبين نفسيًا للمباراة المقبلة بطريقة أو بأخرى، ونترك فكرة أننا سنواصل السقوط أمام أوروجواي، فيجب أن يكون الطموح موجودًا، لأننا لا زلنا في المونديال، ولا مجال لتقبل خسائر أخرى بنتائج كبيرة، ولا مجال أيضًا لأن نضغط على اللاعبين، ونجعلهم يدخلون المباريات الباقية منهارين، وبالتأكيد ينتظرنا عمل جبار.

الأمر المهم الذي أريد أن أشير إليه، هو ضرورة أن يلعب المنتخب الوطني على قدراته، وأن يلعب بيتزي بطريقة دفاعية مع مرتدات محدودة وارتداد سريع، أما أن يفتح الملعب ويهاجم ليعوض الخسارة السابقة فهذا غير منطقي، كما أنه لا يجب أن يركن تمامًا للدفاع وينتظر متى يدخل الهدف مرماه، والمطلوب أن يقفل مناطقه ويضيق المساحات ويتحرك ككتلة واحدة ويلعب على مرتدات سريعة، وينفذ اللاعبون مهمات محدودة، ومن ثم يعودون للخلف، مع ضرورة الحد من مشكلة العرضيات، التي تفسد كل شيء، فقد رأينا منتخب مصر أمس وهو يقدم مباراة كبيرة أمام أوروجواي ويخسر بعرضية، ومعناه أن منتخب أوروجواي يتقن العرضيات، كما أنه لا بد من تجنب الأخطاء على حدود منطقة الجزاء، وأن يضم لاعبو الوسط على الأطراف، ويغطي المحاور مع قلبي الدفاع، وسواء فاز المنتخب أو خسر، فمن المهم أن يظهر بشكل جيد، ونظهر للعالم أننا نجيد لعب كرة القدم، وأن ما وقع لنا أمام روسيا يحدث لمنتخبات أخرى، وأن نستفيد من درس «الدب»، وفي سبيل ذلك ينبغي التكاتف مع المسؤولين، وعلى رأسهم قمة الهرم الرياضي، واللاعبين والإعلام، وهذه ليست طبطبة ولكن معايشة للواقع، وأن نعمل مع اللاعبين بشكل جيد خلال الثلاثة أيام المقبلة استعدادًا لأوروجواي، حتى يظهر المنتخب بوضع مختلف.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store