Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

قصّة «جاب العيد»!!

A A
من بين العبارات الساخرة الكثيرة، التي اُسْتُخْدِمت لانتقاد منتخبنا بعد خسارته القاسية في مباراة الافتتاح ضمن بطولة كأس العالم أمام المنتخب الروسي بخمسة أهداف مقابل لا شيء: عبارة «جاب العيد».!

وهي عبارة ليست سعودية خالصة، بل عربية منتشرة من المحيط إلى الخليج، ولها مغزى أكثر من معنى تقليدي، ولا ترتبط بالعيد الحقيقي، الذي يأتي بعد شهر رمضان المُبارك، بل تُشير إلى حدوث موقف غير سعيد، حتّى لو جاء في العيد السعيد!

وقصّة العبارة تعود لزمنٍ غير معلوم في التاريخ العربي، الذي اتّسم بالخوف من المناسبات المُفرِحة، والعيد بالطبع على رأسها، لارتباطها بحوادث أليمة مرّت على بني يعرب، وما أكثرها من أحداث، وجعلتهم ينظرون نظرة التوجّس والشكّ والريبة تجاه ما قد يأتي مع المناسبات المُفرِحة ويُعكّرها، حتّى أنّ للمُتنبّي بيت شعر بليغ يصف هذه الحالة النفسية العميقة في الوُجدان العربي، وهو:

عيدٌ بأيّ حالٍ عُدْتَ يا عيد..

بما مضى أم بأمرٍ فيه تجديد..

وهذه الحالة مرضية ومُعْدِية بامتياز بين الشعوب العربية، وتجعل سعادة العيد مرحلة مؤقّتة سُرعان ما تنقضي، وتأتي بعدها أحزان سرمدية لا تنتهي!.

وهناك مغزى ثانٍ للعبارة، وهو أنّ مَن يقولها يقصد أنّه لم يتمتّع البتّة في العيد، وهذا ما حصل معي ليلة العيد بعد المباراة، وما زاد من حالة عدم المتعة، شماتة بغيضة من بعض مَن تعوّدْنا على تسميتهم بالأشقّاء العرب، ودعمهم في السرّاء والضرّاء، وما هم إلّا أشقياء لا أشقّاء، وكانت خسارة المباراة مناسبة لهم ولا أفضل لإشهار بُغضهم الهائل لنا، وإخراجه من أفواههم وما تُخْفِي صدورهم أكبر، على كل الصُعُد لا على الصعيد الرياضي فحسْب، وإن كان منتخبنا سامحه وقوّاه وطوّره الله قد جاب العيد، فهم ذهبوا بالعيد كلّه، لكن عسى أن نكره شيئًا وهو خيرٌ لنا، فقد أبانت لنا الخسارة مَن يكرهنا، ومن يبغي لنا الخير ممّن يُقال إنّهم إخوانٌ لنا، وما أصدق الشافعي حين قال:

وما أكثر الإخوان حين تعدّهم..

لكنّهم في النائبات قليل..

حقًا، ما أصدقه!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store