Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

منتخبنا.. والعيد

A A
الحوارات الدائرة حول هزيمة المنتخب المدوية، في أول مباراة أمام روسيا، أجمعت على أن الفريق الروسي ليس فريقًا قويًا، وكان يمكن أن يُحقِّق منتخبنا الفوز أو التعادل، أو تكون الهزيمة واحد صفر، وهذا أضعف الإيمان كما يُقال؛ لكن خمسة أهداف كانت صدمة قوية للسعوديين الذين حرصوا- صغارًا وكبارًا- على متابعة المباراة، مع أن موعدها وافق آخر رمضان وقبل الإفطار، مع ذلك حرص المواطنون على تناول إفطارهم أمام شاشة التلفزيون سواء في المنزل أو خارجه، وبعد الصمت الرهيب الذي هيمن على المشاهدين، بدأت التحليلات ونغمة العزف على وتر الخوف من الأوروجواي، لأن الفريق أقوى من الفريق الروسي، وأن مشاركة روسيا شرفية لأن المونديال على أرضها فقط.

لا زالت قلوبنا شطرين منذ تأهل المنتخب لخوض نهائيات المونديال، شطر يرعى فيه الخوف عشب الخيبة بعد الخسارة، ولا يزال شطرها الآخر ينبض بالأمل، ليس فقط في الفوز، ولكن في أداءٍ مُشرِّف ونتيجةٍ منطقية، تجعل الهزيمة فوزًا معنويًا واعتباريًا، لأن أي منافسة أو مسابقة أو مباراة لابد أن يكون فيها طرف كسبان والآخر خسران، ولكن كيف يخرج الفريقان من الملعب وهما يتصافحان؟ عندما يؤدي كل فريق ما عليه بمهارة واحترافية، وبذلك يضمن أنه يخرج إما غالبًا، فيُرفع على الأكتاف، أو مغلوبًا ولكن بأقل الخسائر، أي خسارة اللعبة أو المباراة فقط، بينما يكسب قلوب مُحبِّيه، الذين شاهدوا أنه لم يتهاون أو يخطئ على رأي: «والله ما قصرت».

اليوم لا يزال الأمل يحدونا بأداءٍ متقن ولعبٍ جميل يجيب العيد بالمعنى الإيجابي بعد أن جاب العيد بمعناه السلبي، وألقى بظلال الهزيمة والحزن على فرحة عيد الفطر، كما قال أحد الفنانين وهو يُهنئ جمهور المطعم بالعيد أول أيام العيد، ويدعو للمنتخب بالفوز في مباراة اليوم مع الأورجواي، بأن المنتخب جاب العيد قبل العيد، وهي عبارة تعكس مشاعر حُزن هيمنت على الوطن مع إعلان عيد الفطر.

لستُ خبيرة في كرة القدم، ولا أُتابعها، بل أنتهز فرصة انشغال الجميع بالمتابعة وأقضي كثير من الأمور بعيدًا عن شاشة التلفزيون، وعن التعليقات والتحليلات، إلا إذا صادفت المباراة يوم اجتماع العائلة، لذلك وجدتُ نفسي أخوض في مياه غريبة وطريق لا أعرف خارطته، مدفوعة بحرص الأبناء والأحفاد على ضرب عصفورين بحجر، متعة العيد ومتابعة مباراة منتخبنا الوطني، الذي يخوض اليوم مباراة مع الأوروجواي، وكما علمت أنه أقوى من الفريق الروسي، ولأني على ثقة بأن المؤمن لا يُلدغ من جُحرٍ مرتين، وبأن نتيجة المباراة السابقة درس علَّم في عقول وأقدام اللاعبين، ودرس أيضًا للإداريين الذين ربَّما انشغلوا بأمور ليس لها علاقة بالمشاركة الرياضية، كمحاولتهم إلباس شاب روسي الزي السعودي، والضحك والمرح، وتقديم القهوة العربية له، مع أنه امتنع عن تناول ضيافتهم لأنه صائم، الصدمة ليست لنا، بل المفروض أن تكون لهم.

التركيز على المهمة أحد أهم أسباب النجاح، والانشغال بالأمور الهامشية كالتعريف بأزيائنا وعاداتنا ومشروباتنا لشعب نحن على أرضه ليست مهمة الفريق الرياضي أو الإداريين والمرافقين، وليست مهمة وطنية، بل المفروض أن نبادر للتعرف على أزيائهم وتراثهم ومأكولاتهم، ولكن في ظرفٍ سياحي، ومهمة غير رسمية.

أخطاء عادةً يقع فيها مَن لا يعرف قواعد المهمة الوطنية التي ينتظرها الوطن بكل أطيافه وفئاته، ويُتابعها وقلبه مشطور نصفين، لكن النصف المزروع بالأمل لا يزال ينبض، منتظرًا أداءً يعيد فرحة العيد، ويأتي بالعيد بمعناه الإيجابي، أي بالفرحة، تمحو آثار النتيجة السابقة وتجيب العيد!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store