Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

الحساسية القاتلة... والتعامل معها!

التعليم والصحة والخدمات الأساسية لابد أن توفر لكل من يوجد على أرض الوطن غني أو فقير مواطن أو وافد، هذه هي العدالة الاجتماعية التي حققتها الدول المتقدمة فارتقت إلى هذا التصنيف "التقدم"، كل الإجراءات التي قام بها فريق الإسعاف والمستشفى مجانية رغم أني سائحة

A A
لست طبيبة، بل مريضة حساسية الأنف المزمنة، ولي ملفات في مستشفيات وعيادات عديدة، وأبنائي وأحفادي ورثوا عني الحساسية، حتى إن إحدى حفيداتي لديها حساسية من الطحينة، داهمتها وهي في أمريكا فجأة، وتم التعامل مع الوضع أو الحساسية القاتلة بكفاءة وسرعة، لأن حساسيتها من النوع القاتل إذا لم يتم التدخل المبكر، وعندما عادت إلى السعودية تخبطنا عندما داهمتها الحساسية القاتلة في طوارئ أحد المستشفيات القريبة، لولا أن والدتها تحمل معها الإبرة المضادة وهي غير موجودة في كل الصيدليات حتى في المستشفيات، ونأتي بها من أمريكا وهي مرتفعة السعر جدًا ومكلفة، ولدى شقيقتي الصغرى حساسية الصدر «الربو» وأحيانًا ينتفخ المريء ويسبب الاختناق، ولا بد من إجراء عاجل وإبرة مضادة للحساسية لا توجد في طوارئ بعض المستشفيات، لذلك ليست لدي نصائح طبية لمواجهة هذه الأزمات التي أودت بحياة صديقة لي كانت مصابة بالربو، وعندما داهمتها الأزمة لم يتم التصرف معها بوعي، فماتت وهي على طاولة الطوارئ في مستشفى أو مستوصف قريب من بيتهم.

كل تلك التجارب لم أحتسبها ولم أفكر بها وأنا أصاب بهذه الحساسية القاتلة، ثاني يوم من وصولي بريطانيا في مدينة إكستر «EXSTER» كنت أتناول إفطاري في مطعم الفندق، أعجبني منظر البيض «طازج عيون» أخذت حبتين «فطاسة» رغم أني طوال عمري آكل البيض، ولم يحدث لي تحسس، شعرت فجأة بتغيير بدأ من حنجرتي، لم أستطع التنفس أو التحدث ربما لاحظت النادلة أني أمر بأزمة، فاقتربت مني، تأكدت من رقم الغرفة اتصلت بابنتي، أخذوني إلى الغرفة كنت أشعر برغبة في النوم وكل تفكيري أن كل المشكلة تنحصر في هياج القولون، استدعوا الإسعاف بمجرد دخولي الغرفة وصل اثنان بمعداتهما، اكتشفا أني أمرُّ بأزمة حساسية، وأن جسمي بحاجة لأوكسجين وحرارتي تنخفض وضغطي يهبط ويجب نقلي فورًا إلى المستشفى، لأول مرة في حياتي أركب سيارة الإسعاف وأنام فيها. في المستشفى إجراءات سريعة لا أذكرها وتم إعطائي حبة دواء فقط، ومتابعة الحرارة والضغط لمدة أربع ساعات.

أحكي لكم هذه القصة ليس للتعاطف، فأنا بخير ولله الحمد، لكنها تجربة يمكن أن تحدث فجأة لأي انسان، ويتم التعامل معها ببطء، يفقد المصاب حياته مع أن الأعمار بيد الله ولو كان عمري انتهى ربما حصلت معي هذه الأزمة في بيتي، كنت تناولت أدويتي واستسلمت لارتخاء الجسد والقشعريرة ونمت نومة لن أستيقظ منها.

العاملات في المطعم لفت نظرهن الانتفاخ والاحمرار في وجهي، لم أكن أعي حقيقة ما يحدث معي، لأني لا أتحسس من أي طعام أو دواء، لذلك يمكن أن يمر أي إنسان بمثل هذه التجربة فجأة ويظنها بسيطة وتمر، ولكنها للأسف خطيرة وتحتاج إلى سرعة التعامل معها من الأسرة والفريق الطبي، أقول هذا بعد معاناة عندما تمر حفيدتي بهذه الأزمة لولا الإبرة التي تحملها الصغيرة في حقيبتها أينما ذهبت وفي المدرسة لديهم تعليمات حول التعامل معها، لأنها طفلة يمكن أن تتناول شيئًا دون أن تدرك مكوناته، وعندما تصاب شقيقتي بأزمة ربو أصواتنا ترتفع في قسم طوارئ المستشفى الذي ننقلها إليه -المستشفى الأقرب إلينا- مستشفى خاص؛ فالعجز والخوف في مواجهة التباطؤ وعدم المعرفة من قبل الفريق الطبي مشكلة لابد من تجاوزها، ونحن ننطلق بقوة لنصل إلى العالم الأول وننجز أهداف رؤية 2030.

التعليم والصحة والخدمات الأساسية لابد أن تُوفر لكل من يوجد على أرض الوطن غني أو فقير مواطن أو وافد، هذه هي العدالة الاجتماعية التي حققتها الدول المتقدمة فارتقت إلى هذا التصنيف «التقدم»، كل الإجراءات التي قام بها فريق الإسعاف والمستشفى مجانية رغم أني سائحة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store