Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
منى يوسف حمدان

الحوار الرياضي.. متى يكون راقيًا؟!

حصص الرياضة ليست تضييعًا للوقت، بل استثمارًا له، واستكشافًا للموهوبين والمغرمين بالمستطيل الأخضر، ليتم رعايتهم مبكرًا ويكونوا هُم نواة تشكيل منتخبنا القادم، الذي أراه أمام عيني منافسًا عالميًا بجدارة، بعيداً عن التعصُّب وجلد الذات، كل ما نحتاجه هو تشخيص واقعنا، ومن ثم وضع خطط علمية وبمؤشرات أداء يتم مراجعتها دورياً، لنعرف ماذا حققنا، وفي ماذا أخفقنا، وإلى أين سنصل بمشيئة الله

A A
لا صوت يعلو فوق صوت المونديال العالمي لكرة القدم 2018، خرجت المنتخبات العربية مبكراً من الدور الأول، لم يكن هذا أملنا ولا طموحنا، لا لمنتخب بلادنا، ولا لأشقائنا العرب، ولكن كل مجتهد نال نصيبه

بعد هدوء العاصفة وصدمة افتتاحية المونديال، وبعد نهاية المرحلة الأولى، وتأهُّل مَن يستحق للدور القادم لابد من مواجهة أنفسنا بكمٍّ هائل من الحقائق، وتحديد مكامن الخلل والضعف بلا مجاملة. كل الإعدادات والمعسكرات والبيئات التي أُعدِّت منذ زمنٍ، لتدريب وتأهيل اللاعبين لم تكن كافية لتحقيق ما نريد.

هناك خلل ما، ولعل القرارات التي أصدرتها هيئة الرياضة بعد انتهاء مباراة السعودية ومصر تُرضي الجمهور السعودي إلى حدٍّ كبير، لأنه يرى فعلاً بأن بين أفراد المنتخب والأندية مَن لا يستحق أن يلعب على المستطيل الأخضر.

تحليل مبدئي وبخبرتي الكروية المتواضعة، لأنني من عشاق هذه المجنونة منذ طفولتي، وأعلم يقيناً بأن الانتصار في المباراة لعباً ونتيجة، هو لمَن يحترم الكرة ويخدمها، وليست مجرَّد حظ أو قرارات ظالمة من حَكَم قد لا يحتسب ضربة جزاء حقيقية أو ضربة حرة في مكان حسَّاس، قد تؤدي لتحقيق هدف النصر والتفوق.

الموضوع كبير جداً، بدايةً من إيمان اللاعب بأهمية التهيئة والتدريب اليومي، وانتهاج السلوكيات السوية، وتناول الطعام الصحي، وعدم السهر، والمحافظة على أخلاقياته وكلماته وأفعاله، فهو قدوة للشباب وتحت أنظار جميع أفراد المجتمع، كل ما يفعله أو يتصرفه تحت المراقبة، وعندما يهمل اللاعب في أي ما ذُكِر، لن يكون مناسباً لتمثيل وطنه. الإعداد والتهيئة ليست شهورا، بل سنوات طويلة تمتد من الصغر، والطفولة المبكرة، والاحتراف العالمي مساره واضح، نحن لسنا عاجزين أن ننجب شبيهاً لرونالدو الذي يقود منتخب وطنه باقتدار، ويستحق الإشادة، تابعوا مسيرة حياته اليومية، وستعرفون كيف أصبح نجماً عالمياً، وكل من حفظت له سجلات التاريخ الكروي بأمجاد خالدة، هُم كانوا مثالاً حياً على الاحترافية الحقيقية، وليست عقوداً من ورق بنكي وحسابات ملايينيَّة، يتفاخرون بها وبمشاريعهم التجارية، ولم يُقدِّموا لأوطانهم ما تنتظره منهم لإمتاعهم، ولتكون لهم هوية حقيقية على أرض الملعب.

ما يحزن حقيقة أن بيننا في وسائل التواصل الاجتماعي حوارات غير حضارية، ولا تمتُّ للرياضة بصلة، بل هي تصفية حسابات وأهواء شخصية، وانتماءات وميول لنادِ دون الآخر، وتحيُّز له. «الوطن أولا»، ولن يستقيم حال المنتخب ونحن نُصنِّف اللاعبين إلى ألوان وشعارات الأندية. ليرتقي بيننا الحوار الرياضي، وتستقيم شؤون وأحوال رياضتنا بعيداً عن التعصُّب المقيت، الذي لن يربح منه أحد.

مدارسنا تحتاج لإعادة هيكلة فيما يخص الشأن الرياضي، حصص الرياضة ليست تضييعاً للوقت، بل استثماراً له، واستكشافاً للموهوبين والمغرمين بالمستطيل الأخضر، ليتم رعايتهم مبكراً، ويكونوا هُم نواة تشكيل منتخبنا القادم، الذي أراه أمام عيني منافساً عالمياً بجدارة، بعيداً عن التعصُّب وجلد الذات، كل ما نحتاجه هو تشخيص واقعنا، ومن ثم وضع خطط علمية وبمؤشرات أداء يتم مراجعتها دورياً، لنعرف ماذا حققنا، وفي ماذا أخفقنا، والى أين سنصل بمشيئة الله. الشعار الأخضر سيجد طريقه يوماً ما لمنصات التتويج، لأنني لا أرى وطني إلا في القمة بهمّة وعزيمة الرجال والنساء.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store