Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

التهافت على الـ«لا شيء»!

لكن من وجهة نظري أن الأهَـم دراسة اجتماعية جادة وتطبيقية لمعرفة أسباب وعلاج (ظاهرة التهافت على المشاهير في مواقع التّواصل وغيرها)، الذين -مع التقدير للمحترمين منهم- معظمهم نجوم من ورق، لم يقدموا لأنفسهم ولا لوطنهم أو مجتمعهم أيَّ شيء يُـذكَــر فَيُشْكَر؛ فقط أحاطت بهم الشهرة والمتابعة، لأسباب قد تكون تافهة، ومنهم مَــن سقط في (وَحْــل المحظور) شـرعاً وخُلقاً

A A
* بالقرب من أحد الكافيهات التي اعتدتُ الجلوس فيها، وقبيل صلاة العشاء رأيتُ تجمعاتٍ من الشباب والفتيات أمام «محِلٍ جديد للوجبات السريعة»، كان يأسِرُ الجميع لهفةٌ وشَوقٌ لقادم منتظر، من أجله جاءوا رِجَالاً و رُكْبَانَاً!.

* جاء (المُنْتَظَر)، فإذا هـو شاب صغير، تعالت الأصوات ترحيباً به، وهو بصعوبة يدخل ذاك المَحلّ لافْتِتَاحِه، وهنا تهافَـتَ الحضور للسلام عليه، والتقاط الصّور معه، التي مَـن يحظى بها ترى في ملامحه البهجة والسرور، وكأنه قـد أتى بما لم يأتِ به الأوائل!.

* سَاعة من الفوضى أو يَزيد، والمكان يَـئِنّ من الزِّحَام، بعدها وبِشَق الأنفس غادر الشَّـاب، تُصاحِبه نظرات الإعجاب، وبعد هـدوء أَتَى بعد العاصفة، سـألتُ عن ذاك الـقَادم، ذُكِـر لي الاسم، فاستنجدتُ بـ(الشيخ قُـوقِل)؛ ليؤكد لي بأنه (أحد صِغَار مشاهير سنَاب شَات)، الذي لم يقدم في حياته إلا بعضاً من السّنّابات!

* مثل تلك الحوادث -التي يصاحبها فـوضى عـارمة مرورية وبَشَرية، وبعض التجاوزات -تكررتْ مشاهدها خلال الفترة الأخيرة، ولم يقتصر حضورها على المُدن الكبرى، بل وصل حتى لبعض المحافظات؛ وهو الأمر التي حاولت وزارة التجارة والاستثمار السيطرة عليه، من خلال اشتراطها الأسبوع الماضي أخذ موافقة الجهات المختصة في إمارة المنطقة قبل دعوة المشاهير.

*وهنا ذاك إجراء تنظيمي مهم، لكن من وجهة نظري أن الأهَـم دراسة اجتماعية جادة وتطبيقية لمعرفة أسباب وعلاج ظاهرة التهافت على المشاهير في مواقع التّواصل وغيرها، الذين -مع التقدير للمحترمين منهم- معظمهم نجوم من ورق، لم يقدموا لأنفسهم ولا لوطنهم أو مجتمعهم أيَّ شيء يُذكَر فَيُشْكَر؛ فقط أحاطت بهم الشهرة والمتابعة، لأسباب قد تكون تافهة، ومنهم مَــن سقط في (وَحْل المحظور) شـرعاً وخُلقاً، وكلنا يتذكر استدعاء «وزارة الإعلام» لأحدهم الشهر الماضي بعد نشره لمقاطع مُخِلّة في حسابه.

* اعتبروني رجْعِياً أو متخلفاً عن الرَّكْـب، لكن عقلي لا يتصور أبداً أن يقتطع طائفة من شباب أو فتيات وطني شيئاً من أوقاتهم الثمينة «ولو ثواني» لمطاردة مشهور مهما كان، فذلك الوقت حقّه أن يذهب لتطوير قدراتهم لبناء حاضرهم ومستقبلهم، وتنمية وطنهم، الذي لن يصل لمحطة التنمية المستدامة إلا بهم، وبعِلْمِهم، وعَمَلهم الجَاد والفَاعِـل.

* أخيراً نسيتُ أن أذكر لكم بأن (ذلك المحلّ) الذي استنجد بإعلان من (ذلك الشَّاب السِّنَابِي) أُغلِق بعد شهر من افتتاحَه؛ ولم يبق لأصحابه -هـداهم الله، وعوضهم خيراً- إلا الخسَارة والنَّدم!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store