Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

التعرُّف على بذور التطرُّف

الحبر الأصفر

A A
نَتحدَّث كَثيراً عَن التَّطرُّف، ونُرجع أَسبَابه إلَى بَعض المَنَاهِج، أَو بَعض دُعَاة التَّطرُّف، أَو الاضطرَاب النَّفسِي، ولَكنَّنا نَنسَى المُمَارسَات والأفعَال والبِدَايَات؛ التي تُؤسِّس لعَقليّة المُتطرِّف.. وحَتَّى لَا أُطيل، دَعوني أَضرب لَكُم بَعض الأَمثِلَة، حَتَّى تَتّضح الصّورة:

إنَّ أوّل الطَّريق التي تُؤدِّي إلَى التَّطرُّف، هي كَثرة «التَّشكِّي»، لأنَّ الشَّاكِي -مَع الوَقت- يَتحوَّل إلَى إنسَانٍ سَلبي، وبَعد التَّحوُّل إلَى السَّلبيَّة، نَنتَقَل إلَى المَرحلَةِ الأُخرَى وهي التَّذمُّر، حَيثُ يَبدَأ الإنسَان مُتذمِّراً مِن كُلِّ شَيء، فلَا يُعجبه العَجب، ولَا الصِّيَام فِي رَجب، ثُمَّ يَتَتبَّع الأخبَار السّيئَة التي تُعَالج تَذمُّره، وكَمَا يَقول الحِجَازيُّون فِي أَمثَالِهم: «يَنتَظر الجَنَازَة حَتَّى يَلطُم فِيهَا»..!

إنَّ المُتطرِّف -بَعد التَّذمُّر- يَنتَقل إلَى مَرحلةِ التَّشَاؤم، ويَلبس نظَّارة سودَاء، ليَرَى كُلّ شَيء قَاتِماً وسيّئاً، ويَتحوَّل عَقله؛ مِن عَقلٍ سَلبي، إلَى عَقلٍ مُتشَائِم، يَرَى الأَشيَاء بمنظَار الكَرَاهيَة والسَّلبيَّة، والتَّذمُّر والشَّكوَى..!

بَعد كُلّ هَذه المَرَاحِل؛ يَصل المُتطرِّف إلَى مَرحلة نَبذ الوَاقِع، وفِي هَذه المَنطِقَة يَكون جَاهِزاً لسَحق الوَاقِع الذي أَمَامه، ومُحَاولة التَّخلُّص مِنه، وهَكَذَا -بكُلِّ بَسَاطَة- تَتم الأمُور..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّ المُتطرِّف يَبدَأ بالشَّكوَى والتَّذمُّر، ومُحَاربة السُّعدَاء والمُتفَائلين، وإذَا لَم يَتدَارك وَضعه، ويَبدأ بزرَاعة الأَمَل والعَمَل، والتَّفَاؤل والإيجَابيَّة، سيَنتَهي إلَى مُتطرِّف؛ يُفجِّر الوَاقِع بَعد أَنْ يُفجِّر نَفسه..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store