Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

مفهوم تفويض الصلاحيات..!

المرحلة التي تمر بها المملكة العربية السعودية ورؤية 2030 كما شرحها الأمير محمد بن سلمان بوضوح وببساطة آسرة ينبغي أن يواكب مسيرتها خطوات مرنة لتفويض الصلاحيات والابتعاد عن المركزية وتمكين المناطق من التجاوب السريع مع احتياجات المواطن ومتطلبات القطاع الخاص

A A
تفويض الصلاحيات مبدأ متعارف عليه في عالم الإدارة. والمدير الناجح هو القائد الذي يستطيع أن يوظف كل الطاقات المتوفرة في إدارته للقيام بالمهمات المناطة بها سواء كان في وزارة أو إدارة شركة في القطاع الخاص.

بعض المسؤولين متحفظون جدًا على تفويض الصلاحيات لأنه يُفقدهم شيئاً من السلطة التي يتحكمون بها في خيوط اللعبة في إداراتهم. والتفويض في الأساس له شروط يجب أن تتوفر، أولها الوضوح والشفافية ووجود إجراءات ووصف كامل لخطوات التنفيذ تكون مدونة مسبقًا والابتعاد عن التعليمات الشفوية ما أمكن.

يرافق ذلك تحديد نطاق المسؤولية ونوع العقوبات عند المخالفة أو تجاوز حدود الصلاحيات المخولة. ومبدأ التفويض مرتبط بمفهوم المركزية.. لأن التفويض مع وجود مركزية كاملة يصبح محدود الفعالية بما معناه أعطيك صلاحية لكن عليك أن ترجع لي في كل شيء.

وفي عصر التقنية الحديثة التي تخطت مفاهيم كثيرة في عالم الإدارة ليس فقط على المستويات المحلية بل أصبحت عابرة الحدود والقارات بكل ما توفره من سرعة اتخاذ القرار وتنفيذ العمليات البنكية وأوامر البيع والشراء والتعليم عن بعد إلى إجراء عمليات على المرضى من غرفة عمليات في مصح بأمريكا أو لندن مثلًا على مريض في دولة أو في قارة أخرى. الدول التي لازالت متمسكة بالإدارة المركزية تفقد الكثير من سرعة إنجاز مشاريعها وخدمة مواطنيها وتجعل مشاريعها التنموية تسير ببطء.

المرحلة التي تمر بها المملكة العربية السعودية ورؤية 2030 كما شرحها الأمير محمد بن سلمان بوضوح وببساطة آسرة ينبغي أن يواكب مسيرتها خطوات مرنة لتفويض الصلاحيات والابتعاد عن المركزية وتمكين المناطق من التجاوب السريع مع احتياجات المواطن ومتطلبات القطاع الخاص.

والخدمات الاستشارية التي تستعين بها الوزارات يجب أن يكون لديها القدرة على إبراز فوائد التفويض مع إحكام إجراءات ضبط السلوك ومحاصرة الفساد الإداري بعقوبات رادعة. اختيار القيادات الإدارية أيضًا يجب أن يكون مبنيًا على المقدرة العملية ومن بينها فهم متطلبات التفويض وسرعة الإنجاز لأن استبدال بيروقراطي ببيروقراطي آخر تنقصه القدرة والتأهيل، لن يكون مجديًا.

والملاحظ أن هناك اجتهادات فردية للرفع من مستوى الأداء الإداري تقوم بها بعض الوزارات والهيئات الحكومية ولكنها تبقى دون مستوى التأثير الفعال في الإدارة بصفة عامة، فما زال المواطن يعاني من تأخير إنجاز المعاملات وتدني مستوى الخدمات وسوء التنفيذ لمشاريع البنية التحتية.. وإذا نظرنا للأسباب نجد أن هناك سلسلة من العوامل بداية بالمركزية، وتجنب الأخذ بمبدأ التفويض الإداري وقبل كل شيء عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب مع أهمية الابتعاد عن احتكار المناصب القيادية في فئات معينة.

وفي الختام إن الولاء ليس بتجاهل الواقع ولكن بمحاكاته وتصويب الرؤى نحو مستقبل يحقق الأحلام ويمضي قُدمًا على طريق النهضة التنموية في وطننا الغالي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store