Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

فرنسا وأشياء أخرىالمشاركة العربية بدون إستراتيجية

No Image

A A
فرنسا البطل

من قبل انطلاق المونديال، والمنتخب الفرنسي نال نصيبًا كبيرًا من الترشيحات، كما يقول المثل الشعبي «ليالي العيد تبان من عصاريها»، الترشيحات ليست عبثًا أو اعتباطًا، ولا مجرد مستوى مميز في مباراة أو مباراتين، فالقائمون على الكرة الفرنسية، عملوا بشكل جيد، وأنهوا المشكلات التي عانى منها المنتخب الفرنسي في البطولات السابقة، والانقسامات آنذاك، وشاهدنا فريقًا متجانسًا منذ يورو 2016، حينما خسرت النهائي أمام البرتغال، وكانت الأجدر باللقب.

وحضرت فرنسا للمونديال بقيادة المدرب دي شامب، وهي تعي ماذا تفعل، وتضم نخبة نجوم وهم الأكثر انتشارًا في الدوريات الأوروبية القوية، وبعد أن استعانت فرنسا، خلال مرحلة العودة للواجهة الكروية، بأبناء الدول الفرنكوفونية، فقدمت منتخبًا قويًا وجاهزًا للإنجازات، وتعامل مع المباريات باحترافية، توازن ميداني وتصاعد في المستوى، انفجر إبداعًا في الأخير، وحصد الذهب، لتعتلي فرنسا القمة الكروية العالمية.

نعم.. جيل بوجبا جيرزمان مبابي وكانتي وماتويدي، وبافال وفاران والقائد لوريس والصخرة الدفاعية أومتيتي.

سحر الكرات الثابتة

اثبتت فرنسا خلال المونديال، أن تنفيذ الكرات الثابتة فن يدرس، ومن يحسن التعامل معها يستفيد ويحسم المباريات، في أكثر من مناسبة خطفت فرنسا المواجهات بالكرات الثابتة، لأنها تملك لاعبًا فذًا ينفذها باتقان (جيرزمان)، بعد الهدف الوحيد الذي أقصت به فرنسا العقبة الأصعب في طريقها بلجيكا من كرة ثابتة لعبها جيرزمان إلى أمتيتي، سجلها ببراعة، قال جيرزمان بعد المباراة « تدربنا عليها جيدًا، ونجحنا في التنفيذ».

شيء من إيطاليا

غابت إيطاليا عن المونديال، وهي أحد أكبر المنتخبات العالمية، ولكنها مدرستها الكروية كانت حاضرة، استعان بها البطل لإحراز اللقب، فشاهدنا المنتخب الفرنسي بمذاق إيطالي، يغلق دفاعاته جيدًا وينتهج المرتدات معتمدًا على السرعات، وبرع فيها الواعد القادم بقوة للنجومية العالمية مبابي، فقالوا عن الكرة الفرنسية إنها مملة، ولم تعد ممتعة، وهذا مجرد كلام، فقمة المتعة تسجيل الأهداف وحصد الألقاب، وهكذا فعلت فرنسا.

احترام المنافس

درس آخر قدمته الكرة الفرنسية في احترام المنافسين، خاصة بعد ما حدث للكبار في المونديال، وفرنسا لعبت كافة مبارياتها بتوازن فني يؤكد احترامها للمنافسين، حتى التصريحات الفرنسية قبل وبعد المباريات تحترم المنافسين.

فكة من ألمانيا

لم تكن قناة فرانس 24 مخطئة وهي تقدم خروج المنتخب الألماني كاول خبر في أخبارها الرئيسة، وهي قناة سياسية، فخروج ألمانيا، وهي العقدة التاريخية لفرنسا، فألمانيا أقصت فرنسا في مونديال 1982، 1986، 2014، هذا في العهد القريب فقط، وبخروجها انزاح هم ثقيل من على صدور الفرنسيين، وأدركناه في احتفالات قناة فرنسا 24.

الإستراتيجيات والمشاركات العربية

الحديث السابق يقودنا للخوض في مشاركاتنا العربية، التي كانت شرفية، فمازلنا كلًا يغني على ليلاه، ويتغنى بالماضي، فنحن في المملكة، نتحدث عن جيل 94 والإشقاء في تونس يتحدثون جيل 78، وفي المغرب عن جيل 86 أم المصريون فيذهبون بعيدًا إلى عام 1934 حيث النسخة الثانية من المونديال، وهذا وحده كافٍ للتغني، ولكن ماذا عنا اليوم؟ فطالما نتحدث عن الماضي، فنحن نتراجع، تحدثنا عن بلجيكا وكرواتيا والإستراتيجيات التي قادتهم للأمام، وفي السابق حينما فشلت ألمانيا في مونديال 98، لجأت إلى إستراتيجية أوجدتها في نهائي مونديال 2002، وتحقيق مونديال 2014 بعد مستويات رائعة سبقتها في 2010، أما إنجلترا التي كانت تغط في سبات عميق، وترمي بفشلها على الحظ وسوء الطالع وركلات الترجيح، صنعت إستراتيجية قادتها إلى تحقيق بطولتي العالم للناشئين والشباب، وهي الآن تمضي في الطريق الصحيح، تأهلت لنصف النهائي وبعد سنين عجاف، إلا لم تكن لنا في العالم العربي إستراتيجيات وعمل ممنهج مدروس، وهذا كلام إنشائي، لكنه واقع عالمي ملموس، ما لم نفعل ذلك فسنبقى ندور في حلقة مفرغة. سئلت عبر إذاعة «BBC» عن أسباب الخروج العربي، والفشل مع إضافة عبارة « ليتنا لم نذهب للمونديال» فأجبت يجب أن نقيم المشاركة بدون مبالغة في جلد الذات، نصحح أخطاءنا، ونصنع إستراتيجيات وألا نجعل من الخسارة معول هدم لكل شيء، والبداية مرة أخرى من الصفر، فالمشروعات الإجابية لابد أن تستمر، والعمل الممنهج لا يتوقف على شخص.

سقوط الكبار

لست مع من يرى أن سقوط الكبار، كان محض صدفة، فالمنتخبات الأخرى تعمل وفق إستراتيجيات ودراسات ولذلك تتطور، فكرواتيا لم تصل للنهائي من فراغ، بل نتيجة عمل ممنهج، وبلجيكا لم تتفوق على البرازيل وإنجلترا، وحققت المركز الثالث لأول مرة في تاريخها، بعمل مدروس بدأ من القاعدة، فجيل هازارد ولوكاكو ودي بروين وميرتينز تم تهيئتهم من قبل 15 عامًا، ومن لا يعمل بشكل جيد، يجد نفسه خارج المنافسات، فهولندا وإيطاليا لم يتأهلا وألمانيا خرجت من دور المجموعات والبرازيل من دور الـ16 ومعها الأرحنتين، والكرة العالمية واضح أنها تدخل عهد جديد، مع ذلك لازال للكبار مكان.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store