Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

إفريقيا تفوز بكأس العالم

A A
من أبرز الأحداث التي حازت على اهتمام ومتابعة الملايين حول العالم خلال الثلاثين يوماً الماضية بطولة كأس العالم لكرة القدم والتي توجت بفوز منتخب فرنسا بالكأس وحصوله على المركز الأول، وقد أشاد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بالمسابقة واعتبرها المسابقة الأنجح والأكثر إثارة في تاريخ البطولة نظراً للتنظيم المميز والإشراف المتكامل وعدم وجود ما يعكر صفو المسابقة إضافة إلى نجاح التقنية الحديثة (الفار) والتي تستخدم لأول مرة في هذه المسابقة في تأكيد العديد من القرارات التحكيمية والتي لاقت قبولاً كبيراً عند الجماهير.

نجاح المسابقة لم ينحصر في التنظيم وغيره من الإجراءات الأمنية والروتينية بل تجاوز ذلك حين نجح بالفوز بكأس البطولة الفريق الذي يمثل إحدى الدول الأوروبية والتي كانت في وقت ما معروفة بعنصريتها وتطرفها في عدم قبول المهاجرين اليها خصوصاً من أفريقيا وتعصبها في عدم السماح لهم بالاندماج في الحياة اليومية أو تقلد المناصب الحكومية غير أن فرنسا تغلبت على نفسها من خلال هزيمتها للعنصرية في الداخل وعملت منذ أكثر من 30 عاماً على تجاوز هذا الحاجز مما ساهم بشكل كبير في فوزها اليوم بكأس العالم حيث تكوَّن المنتخب الفرنسي الفائز بالبطولة من 19 لاعباً فرنسياً من أبناء مهاجرين منهم 15 لاعباً من أصل إفريقي و4 آخرين من أصول أوروبية غير فرنسية.

فرنسا اليوم تفتخر بأبطالها ذوي الأصول الأفريقية أكثر من افتخارها بعرقها الفرنسي النقي، وهاهم زعماء اليمين الفرنسي المتطرف والمعادون للهجرة يحتفلون بذلك المنتخب ويفتخرون به مثلما افتخرت أمريكا قبل عدة سنوات بتعيين رئيس لها ذي أصول أفريقية، وبالرغم من أن هذا التنوع كان له أثر سلبي على الاقتصاد الوطني وعلى المستوى الأمني من خلال بعض الهجمات الإرهابية المتطرفة إلا أن ذلك لم يساهم في تعزيز العنصرية بل تم مقاومتها ولوعلى صعيد فريق كرة القدم مما ساهم في فوزها بكأس العالم.

من يشاهد المنتخب الفرنسي لكرة القدم والفائز بكأس العالم ويقرأ أسماء لاعبيه يحسبه للوهلة الأولى منتخباً أفريقياً غير أن اندماج الأعراق والأصول والألوان ساهم في تشكيل خلطة سرية قدمت للعالم أجمع رسالة مختصرة وهي أن التميز والتفوق في أي مجال من المجالات لا يخضع للهوية أو اللون أو العرق أو المذهب وإنما يخضع في الدرجة الأولى إلى الاجتهاد والعمل والتحدي كما يخضع للمهارة والاحتراف والتميز.

بالرغم من هذا الإنجاز العالمي فلم تتغلب فرنسا على أزمتها العنصرية تماماً بل لازالت تعاني من هذا الوباء في العديد من المجالات ولكنها في نفس الوقت قدمت دليلاً للعالم أن تجربتها في التنوع العرقي في منتخب كرة القدم قد نجحت وحققت من خلالها إنجازاً تاريخياً افتخر به معظم الفرنسيين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store