Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

أطفال الكهف وتلك الدماء النازفة!

A A
* كان أبرز حدثين تصدَّرا وسائل الإعلام المختلفة في الأيام الماضية: كأس العالم لكرة القدم في روسيا، وحماس وصور وأخبار ومنجزات رئيسة وزراء كُرواتيا «كوليندا غرابار كيتاروفيتش»، ولم يُزاحم هذين الحدثين إلا قضية أطفال الكهف الـ(12 طفلاً ومدربهم) الذين ظلوا لأكثر من أسبوعين محاصرين في كَهْـفٍ غمرته المياه في مقاطعة تشيانج راي، شمال تايلند؛ والذين أُنقذوا بعملية محفوفة بالمخاطر شارك فيها خبراء وغواصون من عدة دُول.

* حادثة قضية أطفال كهف تايلند كانت متابَعة من وسائل الإعلام الكبرى، ومواقع التواصل الحديثة، ولها أُفْرِدت التقارير اللحظيّة، مما جعلها تسكن قلوب وعاطفة الناس في شتى الدول والمجتمعات.

* وهنا بالتأكيد تلك الحادثة تستحق المتابعة والتعاطف، ولكن ما يجعل قلب المسلم يعتصر ألماً وحُزناً أن هناك مئات الآلاف من الأطفال المسلمين والملايين من أُسَـرِهم حول العالم، لا يعانون الاحتجاز والـسِّجـن والجوع والمرض فقط في مخيمات اللجوء التي بعضها أو معظمها لا يصلح للحياة الآدمِيّة، بل إنهم يُنحرون ويُذبحون يومياً؛ يحدث ذلك في سوريا، وفلسطين، والصومال، وميانمار، وغيرها!.

* فمثلاً إخواننا المسلمون الروهـينجيا في دولة ميانمار أو بورما سابقاً يعانون منذ من العام 1942م من التطهير العِرقي والديني، والاضطهاد والقتل والتّهْجِير من ديارهم، فيما تُجَاهِر وتُفَاِخر السلطات البوذيّـة في «ميانمار»، ومعها ساستها ورُهبانها بإبادتهم؛ فالرئيس السابق «ثِـيْن سين»، أكد في تصريحات له أن أقلية الروهينجيا المسلمة ليسوا من إثْنِيْـتِنَـا، والحل الوحيد المتاح لأفرادها تجميعهم في معسكرات لاجئين، أو طردهم من البلاد، وهذا «الراهب البوذي آين ويراثو» أحد الذين يتزعمون حملة العنف ضدهم، يعـتَرف بذلك بحجة أنهم خطر يهدد الوجود البُوذي، وأنهم آكلِونَ لِلِحُوم البَشَـر؛ ولهذا ستتواصل حملة القضاء عليهم!.

* عموماً طائفة كبيرة من المسلمين وأطفالهم يعانون من التهجير والظلم والقتل على مدار الساعة في ظِـل صَمت وتهميش عالمي لأزماتهم، يصاحبهما بيانات شجب واستنكار «لا تُسمِن ولا تغني من جوع» من الهيئات الإسلامية، كـ»الرابطة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي»؛ في حين كان واجبها، مع العلماء إطلاق حملات سياسية وإعلامية منظمة، بل ومدفوعة الثَمن لدى وسائل الإعلام التقليدية والحديثة المؤثرة دولياً، لِفتح ملفات معاناة وأزمات المسلمين، بحثاً عن التعاطف الدولي معها على المستويات كَافّـة، لعل ذلك يساهم في معالجتها.

* أخيراً هناك أسئلة دائمة تؤرقني: لماذا دول العالم التي كانت تتبادل العداء تاريخياً أصبحت اليوم تتقارب وتتصالح، فيما العديد من الدول الإسلامية تتجدد بينها صفحات الخلافات والنزاعات؟ ولماذا مناطق الصِّراعات والدماء البريئة النازفة لا مكان لها إلا في بلاد المسلمين؟ (فضلاً أترك لكم الإجابة)!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store