Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالمنعم مصطفى

ترويض طهران.. بالقوة أم تحت وطأتها؟!

فبرنامج ترويض طهران ينبغي أن يتم "تحت وطأة القوة" وليس "بالقوة". ما يعني تشديد الضغوط لفترة زمنية ممتدة، لتحقيق هدفين أساسيين، أحدهما القضاء على الطموح النووي الإيراني، والثاني، هو إعادة إيران داخل حدودها المعروفة، أي خارج العراق وسوريا ولبنان واليمن.

A A
أعقد مهام صُناع السياسة، عند أصعب منعطفات التاريخ، هي ترويض الرأي العام، لحسابات رؤى إستراتيجية، يرونها هم، ولا يملك رجل الشارع البسيط، لا الوقت، ولا الطاقة، ولا المعرفة الكافية للتعاطي معها. وتزداد المهمة تعقيداً، مع اتساع تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، على جمهور من المتلقين بات يستقي معلوماته عبرها من مصادر مجهولة في الغالب.

تضغط الصراعات الكبرى، وبعضها يتعلق بصميم وجود دول، وحياة شعوب، بمتطلبات باتت تثقل كاهل الشعوب، وتضغط على أعتى الحكومات. وبينما تحتاج تلك الحكومات إلى حشد أقصى طاقاتها لمواجهة استحقاقات مصيرية، أو للدفاع عن مصالح كبرى، فإنها تحتاج بنفس القدر إلى أن تحشد خلفها شعوباً باتت مسكونة بالخوف من المستقبل أكثر من خوفها عليه.

مع تعاظم كلفة الصراع الاقليمي، وتصاعد المخاوف الأمنية، تتراجع قدرة الحكومات على ضخ المزيد من الأموال لتحسين الظروف المعيشية لشعوبها، وتصبح قدرتها على حشد الشعوب خلفها، رهن بمدى قدرة الساسة على تسويق المخاطر، والفرص، والآمال في المستقبل.

خطة ترامب لترويض ايران، تعتمد في الأساس، على رفع كلفة الأمن بوجه حكام طهران، وتقليص مصادر الدخل، ومضاعفة الضغوط على الاقتصاد الايراني، بما يمكن أن يقود في النهاية إلى أحد هدفين، فإما أن يغير النظام الايراني سياساته، وإما أن يتغير النظام ذاته.

يبدو الهدف الثاني مغالياً في طموحه، بينما يحتفظ هدف تغيير سياسات طهران الاقليمية بفرص معقولة لتحقيقه.

وبسبب معقولية هذا الهدف، باعتباره ممكن التحقيق، فإن أدوات تحقيقه، لابد أن تكون في المتناول، أهم تلك الأدوات هي (الوقت) أو (الصبر)،

فبرنامج ترويض طهران ينبغي أن يتم «تحت وطأة القوة» وليس «بالقوة». ما يعني تشديد الضغوط لفترة زمنية ممتدة، لتحقيق هدفين أساسيين، أحدهما القضاء على الطموح النووي الايراني، والثاني، هو إعادة ايران داخل حدودها المعروفة، أي خارج العراق وسوريا ولبنان واليمن.

العلاقة بين النفوذ الاقليمي لإيران، وبين طموحها النووي، أكثر من وثيقة، ما يعني أن لجم النفوذ الاقليمي يقود بالتبعية الى تقليص الطموح النووي.

مصدر الصعوبة الحقيقي في خطة ترامب لترويض طهران، هو حاجة كل من الخطة والرئيس الى المزيد من الوقت، فاستمرار الخطة رهن باستمرار الرئيس وسياساته، وهي مسألة لا تبدو مضمونة، ما لم تتح لترامب فرصة الفوز برئاسة ثانية.

الايرانيون اعتادوا المراهنة على الوقت، فقد استطاع الملالي الاستمرار منذ عام ١٩٧٩، رغم ضغوط متباينة بذلها سبعة رؤساء تعاقبوا على حكم أمريكا، هم كارتر، وريجان، وبوش الأب، وكلينتون، وبوش الابن، وأوباما، وترامب.

في نوفمبر المقبل يبدأ تشديد العقوبات الأمريكية ضد ايران، وفي نوفمبر أيضاً، تجرى انتخابات التجديد النصفي لمجلس النواب الأمريكي، نتائج الانتخابات الأمريكية قد تتيح إمكانية التنبؤ بالمدى الزمني للعقوبات، وبتأثيرها، سواء على سلوك النظام في طهران، أو حتى على فرص بقائه.

يراهن النظام في ايران على قدرته على ترويض شعبه، لكن مستوى الضغوط الخارجية المتوقع، قد يتجاوز قدرة النظام على الترويض.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store