Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

اغتصاب العقول!!

A A
ميّز الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل الذي يستطيع من خلاله التفريق بين الحق والباطل والحلال والحرام والطيب والخبيث والجميل والقبيح والحلو والمر والسليم والمعطوب، وبين كل المتضادات التي يجدها في حياته، ويستطيع من خلاله حسن الاختيار وتدبير متطلبات الحياة الضرورية والكمالية كما يستطيع الإبداع والابتكار واكتشاف الأسرار وسبر الأغوار، ومن خلاله أيضاً يستطيع المشاركة بفاعلية في بناء الأرض التي استخلفه الله فيها. ومن خلال هذا المنطلق الهام يستوجب على كل مسؤول على مختلف المستويات الحكومية والاجتماعية أن يضع ذلك في الحسبان وأن يسعى بكل ما يستطيع أن يعزز ذلك عند أتباعه من خلال تحفيزهم واستلهامهم وتشجيعهم بكل الطرق للإفادة من ذلك الكنز العظيم الذي وهبه الله لهذا الإنسان واستثماره الاستثمار الأمثل والإيجابي الذي ينتفع به وطنه ومجتمعه. ولعل ذلك الاستثمار يتم بصورته الإيجابية من خلال عدة أمور مثل:

- تحفيز القائد للأتباع مادياً ومعنوياً للقيام بأعمال يرى من خلالها حجم قدرات ومواهب ومهارات كل فرد وعدم الركون الى العواطف والمصالح وذوي القربى إذا كانوا ضمن تلك الشريحة.

- استثمار الموهوبين والمبدعين ودعمهم مادياً ومعنوياً في مجالهم وبما يتناسب مع موهبتهم وقدراتهم ومهاراتهم .

- استثمار المبتعثين بعد عودتهم، كل فرد منهم في مجال تخصصه، ليكون أكثر مهارة وأكثر إنتاجاً، لا أن يُترك تتقاذفه الأيدي حتى لا يجد إلا ما يكفيه ليقتات به وترك ما تعلمه واكتسبه ليذهب هباء، وهذا أيضاً ينطبق على خريجي الداخل، لابد وأن يوضع كل فرد في مجال تخصصه حسب حاجة سوق العمل.. ولعل هذه المشكلة المتقادمة تعد أكبر المشكلات التي نشكوها تنموياً ويستوجب إعادة النظر فيها.

- بما أن دولتنا -رعاها الله- مقبلة على مرحلة تنموية متسارعة ضمن خطتنا الطموحة 2030 وما تتضمنها من مرتكزات ومشاريع وبرامج هائلة فإن استقطاب أبناء الوطن يعد في مقدمة الأولويات حتى لو كان ذلك ضمن الكوادر العالمية المستقدمة كي يتم إحلالهم مستقبلاً محل تلك الكوادر.

- وحتى يتحقق لنا المراد من استثمار تلك الكوادر المبدعة فإن علينا إطلاق العقول ودعم الفكر والبحث عن كل مبدع وموهوب وأن نقضي تماماً على احتكار فئات معينة للمناصب داخل المؤسسات، والقضاء على الفكر المتقادم ووضع المعايير الدقيقة لتولي المناصب دون النظر الى لقب أو مكانة اجتماعية.

- وفي الختام لن يتحقق كل ما سبق دون أن يعاد النظر في نظامنا التعليمي بكل عناصره وتحويله من تعليم يقوم على الحفظ والتلقين الى تعليم يقوم على التفكير وكسب المهارة، فتعليمنا لايزال يحبو في هذا المجال تحديداً ولازال بعض القائمين عليه من قيادات إدارية يفتقدون لذلك الفكر التجديدي ولازال البعض منهم يعود بمن يتبعه الى الماضي.. وكم أتمنى أن يتحول تعليمنا الجامعي أيضاً الى تعليم ينطلق من الورش والمعامل وقاعات العصف الذهني فهو مازال وللأسف الشديد يدور في حلقات مغلقة . والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store