Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

اتقِ شر من أحببت

No Image

A A
من معضلات الحياة أن أكثر الناس قدرة على إيذائك أكثرهم قربًا منك، وفي هذا قال الشاعر العربي:

احذر عدوك مرة... واحذر صديقك ألف مرة

فلربما انقلب الصديق... فكان أعلم بالمضرة

إن الشعور بخذلان القريب الذي اصطفيته لنفسك، وفضلته على كثير من العالمين؛ قد يوصلك إلى بكائيات غير منتهية، ورثاء الأمل والشغف والوفاء.

وكعادتي في التساؤل تبادرني الأسئلة: ما الذي يدفع مشاعرنا إلى كل هذا الأذى؟ ما الذي يدفعنا للشعور بمضاضة الألم مع الصمت المطبق الذي قد تعتاده أنفسنا، حتى تألف الرق الذي اخترناه والمشانق التي قربناها بأنفسنا.. مع أن الحياة تعطينا دروسًا دائمة في أهمية توقع الضدين في كل شيء، ورؤية جوانب الأمور ببصيرة.

إن القرب بأشكاله المختلفة يعني أنك سمحت لطرف ما بالتسلل لحياتك، وقد يكون لهذا القرب سلطة ما -منتزعة أو مهداة- ستفرض أجندتها عليك، وربما كانت هذه السلطة هي ذاتها رغبتك في التعايش مع الآخر بقليل من الجدل والمشكلات، وبحياة يسودها التفاهم والود؛ وهذا ما يدفعك لغض الطرف وترك الخيارات في يد الآخر.

فتأتي سلطة المبادرة في إدارة الموقف، حيث يكون للطرف الآخر المبادرة في اتخاذ قراراتك نيابة عنك؛ وذلك بالتفكير المسبق في كل قضية تخصك وتلامس حياتك، وتوجيهك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ثم إقناعك بصواب الرأي وضرورة الموقف. والحقيقة إن هذا النوع من السيطرة واستغلال الود يجعلك في الجانب الهزيل من كل قضية، والرأي الخافت، حتى فيما يلزمك ويؤثر في حياتك من قرارات!.

إن هذا الرق الذي قد يفرضه عليك الآخرون -محبة أو رغبة في السيطرة- نتيجته واحدة؛ هي فقدك للشغف في اكتشاف الحياة، وضعفك في تحمل مسؤولياتك التي قد تواجهها يوماً بعيداً عن أعين الرقباء (الأحبة).

إن تجارب الحياة كانت خير مختبر -للسابقين واللاحقين- لفحص سلوكيات البشر، والوصول لنتائج وخبرات تساعدنا في فهم الحياة وطبائع الآخرين.. وأنا هنا لا أقول إنه يكفينا من التجارب المتشابهة عيِّنة؛ لنحذر، بل تكفينا قرون من الخبرة لنتعلم الدرس ولا نكرر الأخطاء..

ولنتذكر أن الفرق بين الرق والحرية شعرة فرار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store